ما كل هذا التناغم بين السيد المستشار «طلعت عبدالله»، النائب العام، و«الجماعة الإسلامية»، ما هذا التوافق على إسقاط الشرطة وإحلال ميليشيات الإخوان والجماعة الإسلامية مكانها؟
لقد أعلن المستشار «حسن ياسين»، رئيس المكتب الفنى للنائب العام، فى بيان له أن: (تعمد تعطيل المواصلات العامة، وبث الرعب بين المواطنين، وغلق المؤسسات الحكومية والخاصة، ومنع موظفى الدولة من أداء عملهم جميعها جرائم يعاقب عليها القانون، ويعد مرتكبوها فى حالة تلبس حال إتيانها ولمأمورى الضبط القضائى الحق فى إلقاء القبض على مرتكبى تلك الجرائم فور مشاهدتها دون الحاجة إلى صدور أمر قضائى)!! وهكذا منح النائب العام تصريحاً لأى مواطن للإمساك بمرتكبى تلك الجرائم، ما دام أنه شاهدها فى حالة تلبس.. رغم أن المواطن لا يعرف أصلاً قواعد التلبس ولا معنى الضبطية القضائية!
البيان واضح، إنه يلبى دعوة «الجماعة الإسلامية» وحزب «البناء والتنمية» ويحقق جدول أعمال «الإخوان»، بتشكيل ميليشيات إسلامية ككيان بديل عن الشرطة.. لتصبح مصر كـ«الصومال» تماماً تحكمها الميليشيات المسلحة!
إنها عملية تقنين للبلطجة، وإضفاء الصبغة الرسمية على «الإرهاب»!
الدكتور «أحمد عارف»، المتحدث الإعلامى باسم الإخوان المسلمين، خرج يطالب الشعب كله بتحقيق تلك المهمة الجليلة، والجماعة الإسلامية هللت للمادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية التى جعلت العنف «مؤسسة»، وأصدرت بياناً يندد بتخاذل الشرطة وإضرابها، ويؤكد أن بها «فلول».. وانطلق «عاصم عبدالماجد»، القيادى بالجماعة الإسلامية، على كل الفضائيات يتوعد بفض اعتصام ميدان التحرير، وإلقاء من يقطعون الكوبرى من فوقه.. وأعلن سيادة «دولة الميليشيات» بكل تشفٍ وتفاخر!!. ولم يفته تهديد من سماهم «المتآمرين من الشرطة» بالفصل، والمطالبة بتطبيق قانون الطوارئ!!
منتهى العبث الآن أن نسأل عن دستور يحظر فى مادته 64 تشكيل أى ميليشيات مسلحة، ومن السخف أن نسأل: أين الدولة؟
لقد نشرت جريدة «الوطن» حلقات من ملف تحقيقات النيابة فى إحدى أكبر الفضائح السياسية فى عهد الرئيس «محمد مرسى»، وهى قضية «أحداث الاتحادية» التى راح ضحيتها العديد من القتلى ومئات المصابين أواخر شهر ديسمبر 2012. وكشفت «الوطن» أن ميليشيات الإخوان التى حاولت فض اعتصام «الاتحادية» بالقوة قتلت -آنذاك- عدداً من المعتصمين، واشتبكت بالأسلحة النارية مع المتظاهرين العُزّل الرافضين للإعلان الدستورى، وأسرت العشرات منهم، وكبلتهم أمام بوابة القصر، لنزع الاعترافات منهم بالقوة.. فليس غريباً أن تقوم ميليشيات الحكم بحرق مقر جريدة «الوطن».. إنه أسلوبهم فى الحكم: «الإرهاب»!
ألم يكن الإعلان الدستورى الديكتاتورى إرهاباً؟.. أليس «الطرف الثالث» الذى يفجر العنف بين الشرطة أو الجيش من جهة والشعب من الجهة الأخرى «مندوباً» لتيار الإسلام السياسى؟.. فلماذا لا يجعلون وضعه قانونيا؟ لقد فشل رئيس الجمهورية فى ردع الغضب الشعبى، فلم يجد أمامه إلا تفتيت الوطن وإشعال الحرب الأهلية عله يفلح فى السيطرة على وطن مفكك!!