لم يكن أكثر المتشائمين من الأهل والعشيرة والأحبة أو من المتعاطفين معهم أو المخدوعين فيهم، ممن انتخبوا الدكتور محمد مرسى عيسى العياط سفيراً لهم إلى قصر الاتحادية الجمهورى -وهم لا يزيدون بكثير على 13 مليوناً- أى ربع عدد من يحق لهم التصويت من المواطنين يتوقع أن تنهار مصداقيتهم بين الجماهير وأن يتم تجريف شعبيتهم بمثل هذه السرعة التى تستحق أن تُسجل فى موسوعة جينيز العالمية للأرقام القياسية بسبب ممارسات وتصرفات مندوبهم «ساكن القصر الجمهورى»!
ويبدو أنه منذ اللحظة الأولى التى أقسم فيها «مندوب الجماعة الرئاسى»، بالثلاثة على احترام الدستور والقانون أنه كان يقول فى نفسه: «كده.. وكده.. وصوم 3 أيام ما يضرش»، فبدا منذ تلك اللحظة وهو ينافس بقراراته «مسّاحة»، زجاج السيارة «يمين.. شمال.. شمال يمين»، إلى درجة باتت تقنع الرأى العام -بعد أن يصدر الدكتور مرسى أى قرار- بالانتظار دقائق حتى يلحقه بقرار آخر بإلغائه بدرجة أصبحت معها القرارات الجمهورية منافساً عنيداً للشامبوهات «اثنين فى واحد.. القرار وعكسه»!!
وإذا كان الخطاب الإعلامى للرئاسة -إن كان هناك خطاب بالفعل- يبرر ذلك بمقولة أن الرئيس عاد عن قراراته بعد أن تأكد من تضرر البعض منها فإن الأمر يمثل إدانة حقيقية لآلية اتخاذ القرار داخل القصر الجمهورى وأن القرارات الرئاسية تصدر فى عجلة ودون دراسة متأنية وهذا فى أفضل الحالات، غير أن الواقع يكشف عن حقيقة أن سفير الجماعة الرئاسى كانت تنتابه فى بعض اللحظات شجاعة التذمر والتمرد على إحساسه الداخلى بأنه «استبن»، دفعت به الجماعة إلى معركة الرئاسة ودفعت فيه نحو 600 مليون جنيه ليصبح مندوبها فى قصر الاتحادية وبالتالى فإنه فى صباح أى يوم يصدر فيه أى قرار كان يقول لمن يراه أمامه فى مرآة الحمام وهو يستعد لتقمص دوره «أنا الرئيس ومن حقى أن أصدر أى قرار»، غير أنه سرعان ما يتراجع عن اندفاعه هذا عندما يسمع صوت «الجماعة»، وهى تصرخ فى وجهه «مرسيييى»!!
لن أكون مبالغاً إذا قلت إنه بفضل سياسات مندوب الجماعة الرئاسى وحالة التخبط والارتباك غير المسبوقة، فإنه أصبح لدى ملايين المواطنين قناعة تامة بأنهم لا يعيشون على أرض مصر، بل يخطون فوق قطعة من «الكرتون» تتراشق على سطحها صور ملونة «السلم والتعبان»، تمثل فى حقيقتها خريطة لمجتمع أصبحنا نعيش فيه.. فمندوب الجماعة الرئاسى يلقى بالزهر لنخطو وفق ما يكشف عنه أحد وجوهه خطوتين أو ثلاثاً، ثم يرميه مرة أخرى لنعود حتى إلى ما قبل موقعنا الأول.. !!
ولأن الراحل المبدع «ثروت أباظة»، قد تنبأ منذ عشرات السنين بأن «زواج فؤادة من عتريس باطل».. ولأن القانون أقر مبدأ «الخُلع».. ولأننا مجتمع مسلم نراعى شرع الله ولسنا مجتمعاً كاثوليكاً.. ومع أنه أبغض الحلال عند الله.. فيبدو أننا سنقول قريباً: «د.مرسى.. شكلك كده هتوحشنا»!!