بعيداً عن فصاحة الدكتور مرسى وتعمقه فى مفردات الأمثال اللغوية التى يستخدمها فى خطاباته للتدليل على المواقف المختلفة التى بتنا نمر بها فى مصر منذ أن منّ الله علينا بفترة رئاسته الكريمة بدءاً من «الحارة المزنوقة» انتهاءً «بالأصابع التى تلعب»، استوقفتنى عبارته التى تفوه بها أمام الجالية المصرية فى قطر وضمت أنصار ومؤيدى الجماعة، حين قال مهاجماً الإعلام والعاملين به: «لو مات القرد..القرداتى يشتغل إيه»؟!!! فى إشارة لما يقوم به الإعلام من تشويه لإنجازات الرئيس وجماعته والتركيز على السلبيات فقط فى فترة حكمه البهية، وكيف أنه لو لم يفعل الإعلام ذلك فإنه لن يجد ما يقوله! لن أُذكر الدكتور مرسى بما قام به نفس الإعلام القرداتى فيما ولّى من أيام للدفاع عنه وعن أفراد جماعته وقت أن كانوا يئنون تحت وطأة ضربات الأمن وتصديه لهم فى كل كبيرة وصغيرة -وأثبتت الأيام صحة مواقفه للأسف- فأنا لست من أنصار المنّ على أفراد الجماعة بما قدمناه لهم من مواقف كانت نابعة من الإيمان بمسئولية الإعلام فى الدفاع عن المعارضة أياً كانت توجهاتها. كما لن أدافع عن كل وسائل الإعلام والإعلاميين على عوامها فهناك من يحتاج للنسف الفورى. ولكن أجدنى مضطرة لسؤال مولانا حامل لقب الرئيس، وماذا فعلت يا مولانا منذ أن أطلّت علينا شمس حكمك لتنظيم هذا الإعلام وتقنين أوضاع القرداتى؟ أجيبك بأنك لم تفعل أى شىء سوى أنك مارست استغلالك له وقت أن كنت بحاجة له قبل انتخابات الرئاسة بالظهور عبر قنواته وأنت ترتدى قناع الحمل الوديع رافعاً كذباً شعار «مرشح الثورة»!!! ثم ما لبثت أن تناسيت كل ما كنت تردده على تلك القنوات ومنحتنا وزيراً للإعلام قالوا إنه عمل بالصحافة رغم أننى وزملائى لا نذكر له تحقيقاً أو خبراً أو رؤية إعلامية، فإن كان لم يبدع فى الصحافة فما بالك بالإعلام المرئى الذى لا يعرف عنه شيئاً؟ وواصلت قناتكم المسماة زوراً بـ«25يناير»، وجريدتكم المسماة بهتاناً بـ«الحرية والعدالة»، تزييف الواقع وتغييب العقول بشكل فج ومثير للاشمئزاز، هذا بالطبع غير ما بات عليه حال الإعلام المملوك للدولة والذى ظننتم فى لحظة أنكم ورثتموه عن الحزب الوطنى فصارت الكلمة الأولى فيه لكل من يرفع شعار الإخوان ويتكلم بلسانهم! وبات الإعلام المعارض إعلام متهم حتى لو توخى المهنية قدر إمكانه.
وبعيداً عن قرد وقرداتى مولانا الرئيس، أجدنا فى أمَس الحاجة الآن الآن وليس غداً، لميثاق إعلامى يتولى وضعه المبدعون المالكون لزمام المهنة، المطلعون على مواثيق العالم المتقدم. لا لضمان حرية التعبير والرأى فحسب، ولكن لضمان تحقيق المسئولية الاجتماعية للإعلام بشكل عام تجاه المجتمع. لقد عشنا سنوات فى عصر «مبارك» والإعلام يجرى وراء عود الثقاب المشتعل فإذا ما انطفأ انفضوا من حوله باحثين عن عود ثقاب آخر، وأحياناً كانوا يشعلون بأنفسهم عود الثقاب لو لم يجدوا شيئاً مشتعلاً يمكنهم الالتفاف حوله. ولكن أعتقد أن الأوان قد آن لتغيير ذلك وبأسرع طريقة ممكنة لأننا لن نخترع العجلة، فهناك الكثير من النماذج التى يمكننا الاختيار منها والمزج فيما بينها لوضع ما يناسبنا، قبل أن يفاجئنا إخواننا المتأسلمون بوضع ميثاق يقضى على حق الإعلام فى التعبير وحق المجتمع فى المعرفة. بدعوى ضرورة التخلص من القرد وحاجة القرداتى للتقاعد والبحث عن مهنة أخرى يرتزق منها. أعلم أن مكتب الإرشاد يضع الإعلام ومؤسساته على قائمة التغيير الباحثين عنه بفكرهم، والتمكين الساعين له بخطى حثيثة دون مراعاة لكفاءة أو قواعد أو حتى أسس باتت من المسلمات العالمية فى هذا المجال. ولذا فإننا لا نمتلك خياراً آخر غير وضع الميثاق بيدنا لا بصوابع عمرو.. عفواً صوابع مكتب الإرشاد.