ينظر الدكتور «مرسى» إلى الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة، حال إقالة «هشام قنديل»، فلا يجد إلا الأسماء «الفلولية» التى تنتمى إلى عصر المخلوع، وعندما يقلب فى أوراق ما أطلق عليه المحكمة الثورية التى تشكّلت عقب الإعلان الدستورى الذى أصدره فى نوفمبر 2012، لا يجد حكماً واحداً صدر ضد قتلة الثوار أيام يناير 2011، أو فى أيام حكمه طبعاً!، وعندما يفتش «مرسى» عن رجال أعمال، لا يُبصر إلا رجال أعمال الحزب الوطنى. لا يوجد ملف واحد تم حسمه فى عصر «المرسى» سوى ملف التصالح مع رموز النظام السابق. والآن يجلس رموز النظام السابق، الذين وضعتهم الثورة قيد المحاكمة، هانئين ناعمين فى «فيلاتهم» وقصورهم، ويستقبل «المخلوع» نسمات اليوم بمحاكمة جديدة بعد نقض الحكم الذى يقضى بسجنه سجناً مؤبداً فى قضية قتل المتظاهرين فى ثورة 25 يناير، وعما قريب سوف يجلس فى قصره فى شرم الشيخ، مستمتعاً بأمواله، وحماية النظام الإخوانى له.
لو وضعنا هذه المقدّمات إلى جوار بعضها البعض فسوف نخرج بنتيجة واحدة تؤكد ما سبق وذهبت إليه أنا وغيرى من أن الإخوان والفلول بكل أشكالهم وألوانهم تكاتفا معاً منذ يوم 28 يناير من أجل إسقاط الثورة التى كانت تهتف بسقوط النظام، لقد فهم البعض أن إسقاط النظام يعنى إسقاط الحكم وفقط، لكنه -من رؤية أعمق- كان يعنى إسقاط المعارضة الديكورية التى كانت تعطيه نفساً على الحياة والاستمرار والبقاء، وأقصد بذلك المعارضة الإخوانية. نزل الإخوان يوم 28 يناير بإيعاز من أطراف عدة داخلية وخارجية، من أجل ابتلاع الثورة، وقد نجحوا فى ذلك بعض الشىء، لكن الأكلة كانت كبيرة جداً عليهم، فلم يتمكنوا من هضمها، فكانت النتيجة أن أصيبوا بـ«تلبك معوى» فقدوا معه تركيزهم، فبدأت سهامهم تطيش هنا وهناك.
وذلك بالضبط ما كان يريده الفلول الذين أخذوا الإخوان «على حجرهم» لأنهم يعلمون أنهم ناصبوا الثورة العداء منذ الأيام الأولى للدعوة إليها، واستخدموهم كـ«فوطة» يمسحون فيهم أوساخهم. وها هم الآن يتحدثون عن الشعب الذى يقول «ولا يوم من أيام مبارك»، ويرددون -ضاحكين- مقولة «المخلوع» حول «الشعب اللى فهم»، وها هم يسخرون من مستوى الأداء المزرى للجماعة فى حكم البلاد، بعد أن «فرّجت» الشعب والعالم على جهلهم وحمقهم، الأمر الذى يؤكد أن الجماعة ما زالت تعيش دورها الأثير الذى أشرت إليه -ذات مرة- وهو دور «الفوطة»، ويبدو أنها لا تجيد سوى هذا الدور التاريخى الذى لعبته فى عصر الملكية وعصر الحكم العسكرى بوجوهه الأربعة. سوف يرحل الإخوان -غير مأسوف عليهم- لكن ذلك لا يعنى بحال أن الفلول سوف تعود.. ومهما طال الزمن، فسوف تتأكد حقيقة أن الثورة منتصرة فى يوم آت لا بد!