شركات الحكومة تبحث عن «محلل» للخسائر
شريف اسماعيل
على مدار سنوات عديدة مضت كانت الدولة لاعباً أساسياً فى المناخ الاقتصادى من خلال مشروعات توارثتها عن الحقبة الناصرية، وعلى مدار عقود كان الحديث عن تملك الدولة وإدارتها لمشروعات «قومية» مثار جدل بين تيارين رئيسيين؛ أحدهما يرى فى مشروعات الحكومة المنقذ الأساسى من «أباطرة الاحتكار» و«انفلات الأسواق» و«انحراف القطاع الخاص»، بينما يرى التيار الآخر أن «الدولة تاجر سيئ.. وصانع أسوأ»، وأن وجودها طرفاً فى المنظومة الاقتصادية أضر بالاقتصاد ككل.
كانت المنقذ دائماً من أباطرة الاحتكار وانفلات الأسواق وانحراف القطاع الخاص
وعلى الرغم من تراجع الدور الحكومى وإفساح الدولة المجال للقطاع الخاص وإتاحة الفرصة لتفاعل آليات العرض والطلب بداية من تولى حكومة «نظيف» أواخر 2004، التى ضمت فى أغلبها رجال أعمال، فإن هذا الدور عاد من جديد وبرز بشدة خلال الثلاث سنوات الأخيرة من خلال المشروعات القومية التى أطلقت بداية من العاصمة الإدارية ومشروع المليون ونصف المليون فدان، مروراً بمشروعات صناعية والدخول فى قطاعات من بينها الأسمنت والحديد. البعض يرى أن توجه الدولة بالتركيز على إقامة مشروعات تخضع لإشرافها اتجاه محمود يهدف فى المقام الأول إلى مراعاة أبعاد اجتماعية قد لا تخضع لها مشروعات القطاع الخاص، ويعتقد أصحاب هذا الرأى أن الدولة فى إدارتها لمشروعاتها لا تسعى إلى تحقيق أرباح بقدر ما تسعى لتوفير الخدمة بسعر مناسب، واعتبروا أن المقارنة بين الإدارة الحكومية والقطاع الخاص «غير منصفة» نظراً لاختلاف أدوات ومنهجية الإدارة فى الحالتين.
فى المقابل، يعتقد رجال أعمال أن تجربة الخمسينات والستينات أظهرت أن الدولة «مدير فاشل» للمشروعات، وأن أغلب المشروعات الحكومية تحولت من الربحية إلى الخسارة مع تضخم أعداد العمالة وغياب قواعد الحوكمة، واقترح بعضهم استعانة الحكومة بإدارة تضم خبراء وفنيين من خارج الجهاز الحكومى، بحيث يتم «خصخصة الإدارة» مع الإبقاء على ملكية تلك المشروعات للدولة..
«الوطن» تسعى فى السطور التالية للإجابة عن سؤال: هل الدولة بالفعل تاجر فاشل؟.. وهل يمكن لمشروعات الحكومة أن تدار فى يوم ما بنفس عقلية القطاع الخاص؟.. وما الأدوات المثلى لتحسين إدارة المشروعات الحكومية القائمة؟