خبراء: الحكومة فشلت فى إدارة شركاتها لأنها «بتلعب برة ملعبها»
عمر أفندى إحدى ضحايا سياسات الحكومات السابقة
أرجع عدد من خبراء الاقتصاد فشل الحكومة فى إدارة الشركات وبعض الأصول التابعة لها، إلى دخول الحكومة فى ملعب غير ملعبها الأساسى، المتمثل فى وضع السياسات الاقتصادية العامة والإشراف والرقابة على المناخ الاستثمارى، إضافة إلى تفاقم أعداد العمالة فى الشركات الحكومية نتيجة توظيف الحكومة لأعداد كبيرة دون استغلالها بالشكل الذى يحقق عوائد اقتصادية.
واتفق الخبراء على أن اللجوء إلى إدارات وخبراء من القطاع الخاص لإدارة أصول الدولة «خصخصة الإدارة» أو طرح جزء من بعض الشركات العامة والأصول التابعة للدولة فى البورصة هو الحل الأمثل حالياً لتحقيق أقصى عائد اقتصادى منها لدعم الخزانة العامة للدولة.
الدولة دورها الرقابة على النظام الاقتصادى والإشراف.. ونصائح بـ«خصخصة الإدارة» وتطبيق تجارب الدول المتقدمة.. و«الديوانى»: سبب فشل الحكومة فى إدارة القطاع العامل لعبها دوراً غير دورها الأساسى
وقالت الدكتورة عالية المهدى، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن فشل الحكومة فى إدارة المشروعات والشركات هو مشكلة متراكمة منذ عقود وليست بسبب الحكومة الحالية أو الحكومات السابقة لها، بل إن الأمر يمتد لعدة عصور ماضية منذ أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى اهتمت الحكومات فى عهده بقيام الحكومة بكل شىء، الأمر الذى نتج عنه تحول المشروعات التى تديرها الحكومة إلى مشروعات اجتماعية أكثر منها مشروعات ربحية، ما أضعف الموارد المالية لهذه الشركات وكبدها خسائر.
وأضافت «المهدى» أن الحكومات أخطأت عندما حمّلت كاهل الشركات التابعة لها بعمالة زائدة نتج عنها ارتفاع التكاليف مع انخفاض معدلات الإنتاجية لهذه الشركات، مشيرة إلى أن الحكومة واجب عليها الاتجاه إلى خصخصة الإدارة فى الشركات التابعة لها والقائمة بالفعل، أو القيام بتأجير خطوط الإنتاج بهذه الشركات لشركات أو جهات يمكنها إدارتها بشكل يدر عائدات اقتصادية للخزانة العامة للدولة.
وأشارت إلى أن الحكومة بدأت تفكر فى بيع جزء من بعض الشركات القائمة عبر طرحها فى البورصة، أما فيما يتعلق بالشركات أو المشروعات الجديدة فمن بين الحلول لإدارة مشروعات اقتصادية ناجحة هو أسلوب المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص.
وأكد الدكتور فخرى الفقى، مساعد المدير التنفيذى السابق لصندوق النقد الدولى، أن الدولة فشلت خلال العقود الماضية فى إدارة أصولها لأنها «لعبت برة ملعبها»، فى مجال ليس لديها خبرة كافية فيه، مشيراً إلى أن الدولة منوط بها وضع السياسات العامة والإشراف والرقابة على النظام الاقتصادى المعمول بها وليس إدارة المشروعات والشركات التجارية، فهذا هو دور القطاع الخاص وليس الحكومات.
وقال إن قيام الدولة بدور القطاع الخاص أضر بالاقتصاد لأنها دمجت بين دورها الاجتماعى فى إدارة شركات تجارية فشلت نتيجة توظيف عمالة زائدة وتحملها خسائر بدلاً من خلق عوائد اقتصادية تصب فى الاقتصاد القومى خلال العقود الماضية، مشيراً إلى أن الدولة لم يعد أمامها غير اللجوء لإدارة محترفة ومتخصصة لإدارة الشركات والمؤسسات، إذا كانت ترغب فى تحقيق أقصى استفادة من شركاتها وأصولها بما يؤدى إلى زيادة الموارد وخفض عجز الموازنة وتحقيق فائض مالى يزداد سنوياً.
وأضاف أنه بالتزامن مع ذلك لا بد من تشكيل جهة رقابية تشرف على الإدارات القائمة على تشغيل هذه الشركات والأصول بالشكل الذى يوفر الشفافية الكاملة فى عملية الإفصاح عن خطة وآليات إدارة أصول الدولة، تجنباً لأى خلل إدارى أو فساد قد ينتج عن عدم الرقابة، مشيراً إلى أنه على الدولة القيام بعمليات خصخصة جزئية لبعض الأصول، وفى حالة وجود رفض شعبى لبيع الأصول الحكومية يمكن أن يتم التعامل بنظام خصخصة الإدارة، وهو تكليف مديرين من القطاع الخاص وتغيير الهيكل الإدارى للمؤسسات مع احتفاظ الدولة بالملكية، حيث إنه يمكن الخصخصة بالمشاركة ببيع نسبة أقل من 50% للقطاع الخاص مع منحه حق الإدارة ما يساهم فى إنجاح المشروعات بشكل أفضل.
«المهدى»: لابد من خصخصة الإدارة فى الشركات التابعة والحكومة أخطأت عندما حملت شركاتها عمالة زائدة.. «الفقى»: دور الدولة وضع السياسات والإشراف عليها وليس إدارة شركات تجارية
وقال إن عملية الخصخصة لها أوجه متعددة وفوائد اقتصادية عديدة فيجب ألا يتم قصرها على فكرة واحدة لها مردود سلبى على المواطنين الذين عانوا من مشكلات بسبب تطبيقها فى السابق بشكل به تجاوز للقوانين وفساد فى التقييم والتنفيذ.
من جانبه، قال الدكتور شريف الديوانى، مدير منتدى دافوس الشرق الأوسط، إن فشل الحكومة فى إدارة أصول الدولة سببه أنها لعبت دوراً غير دورها الأساسى، فالحكومة دورها ليس منافسة القطاع الخاص بل الإشراف على المنظومة الاقتصادية بشكل عام وترك المشروعات والشركات المستهدفة للربح فى تقديم خدمات جديدة والاستثمار وتحقيق عائد اقتصادى.
وأضاف أن إدارة أصول الدولة بشكل اقتصادى صحيح يحتاج إلى تطوير نظم الإدارة والاستعانة بالخبرات والكفاءات المختلفة فى كافة المجالات الاستثمارية والتصدى للبيروقراطية وتنقية التشريعات المنظمة لإدارة الاستثمار فى مصر، مشيراً إلى أنه على الحكومة نقل إدارة أصولها للقطاع الخاص، فهذا هو الحل الأمثل لنجاح الأصول التابعة للدولة خاصة الشركات.
وأوضح «الديوانى» أن إدارة أصول الدولة شهدت خلال العقود الماضية العديد من المعوقات منها سوء الإدارة ونقص الخبرات والكفاءات، الأمر الذى ساهم فى تحقيق خسائر بالجملة لهذه الأصول، مؤكداً أن الاستعانة بتجارب الدول المتقدمة فى إدارة أصول الدولة ضرورة ملحة حتى يمكن تعظيم الاستفادة منها خاصة تجارب ألمانيا وإنجلترا وماليزيا وإيطاليا وكلها دول تدير أصولها بحرفية تفوق القطاع الخاص هناك.