إذا سألتك من هم الذين يعيشون بمنطق اللصوص ومن الذين يحيون بنفسية الجواسيس فوق تراب هذا البلد الطيب فإن الإجابة لا تحتاج إلى أى نوع من الإرهاق أو إعمال عقل.
اللصوص هم من حملوا لواء راية التخريب فى مصر ما قبل 25 يناير، والجواسيس هم رافعو راية إهدار الوطن بعد الثورة. اللصوص هم رجال الحزب الوطنى المنحل ممن عاثوا فساداً فى هذا البلد طيلة العقود الماضية، ونفسية الجواسيس تجدها شاخصة بوضوح لدى رجال جماعة الإخوان التى لا تتوانى عن بيع الوطن بالقطعة.
عاش اللصوص ثلاثين عاماً يديرون نظاماً سياسياً قائما على سرقة إرادة الجماهير، وتزييف عملة تفكيرها ووعيها، ناهيك عن نهب ثرواتها. ثلاثون عاماً تراجعت فيها قيمة العمل وبذل الجهد والاجتهاد، وأصبحت القيمة كل القيمة لمن يتقن فن السمسرة، ويعرف كيف يلعب دور السمسار. لم يكن لدينا رجال اقتصاد يعرفون كيف يفيدون مجتمعهم ويستفيدون منه، بل كان لدينا مجموعة من السماسرة، يثرون من بيع الأراضى، وتسليك المصالح، وقبض عمولات إبرام الصفقات، بداية من صفقات الأكل والشرب، وانتهاءً بصفقات السلاح! أناس محظوظون امتلكوا فى أيديهم مفاتيح مصالح وحوائج الناس، وتمكنوا فى ظل لصوصية السمسرة من احتكار كل شىء: اللحوم والدواجن والسكر والأسمنت والحديد وخلافه، فتحكموا فى مصالح العباد وأهدروها، وأثروا ثراءً فاحشاً، ولم يبالوا بإفقار مجتمع بأكمله. وعندما أذن الله وثار الشعب من أجل التخلص منهم، وبدأ الناس يشعرون أنهم يتنفسون هواءً نظيفاً، وجدوا أنفسهم يقعون فى فخ الجواسيس.
لا أستطيع بالطبع أن أتهم جماعة الإخوان بأنها تدير شبكة جاسوسية، لكن بإمكانى أن أقول إنها تعمل بسيكولوجية جواسيس، يتمتعون بقلة الأصل التى تدفعهم إلى كراهية الوطن، واحتقار أهله، والشماتة فيهم حين يعانون، والفرح لما ينالهم على أيديهم أو أيدى غيرهم من أضرار. أرض مصر لا تساوى عندهم شيئاً. ما أسهل أن تسمع كبيرهم يرحب بأن ينسال الفلسطينيون من أهل غزة إلى أرض سيناء ليؤسسوا فيها وطناً بديلاً لوطنهم الذى اغتصبه اليهود، رغم أن هؤلاء هم من صدعوا رؤوسنا لثمانية عقود ونصف العقد بأنهم فتية الإسلام الذين سيعيدون الأقصى السليب وسيرجعون الفلسطينيين إلى أرضهم التى اغتصبها اليهود. لا يمانع «مرسى» -وكذا الجماعة- فى تقديم قطعة من أرض مصر إلى دولة مثل السودان، لأجل «كام راس جاموس وشوية أكل»، ولا يبالى بتأجير أرض مصر «مفروشة» لدولة مثل قطر من أجل حفنة دولارات.. الوطن لدى هؤلاء «ما يفرقش».. موقفهم منه لخصه كبيرهم السابق حين قال «طظ فى مصر»! مصر الآن دمها مهدر ما بين اللصوص من ناحية والجواسيس من ناحية أخرى.. لكنها لن تدوم لأى منهما.. القيامة قايمة قايمة!