«مبارك».. أو «الرئيس المخلوع»، سمِّه كما شئت، كل المصطلحات تساوت بعد أن انتصر علينا، والتهمت «الجماعة» ثورتنا، وغرقنا فى بحر الانقسام والتمزق!
«مبارك» يلوّح لمؤيديه من داخل القفص الحديدى، وكأنه يقول: (تحققت رؤيتى: إما أنا أو الفوضى).. وكأنه ليس المسئول عن تكوين الوحش الخرافى المسمى بالإخوان المسلمين، «الفزاعة الإسلامية» لإرهاب الغرب المطالب بمزيد من الديمقراطية، والشعب المصطف فى طوابير العيش!
يشير بيد منقوش عليها: «أنا مؤسس البنية الأساسية، أنا غيرت خريطة مصر وأضفت إليها «طابا» والمدن الصناعية والسياحية، أنا (الاستقرار)».. وفى خلفية المشهد يقف «جمال» صاحب مشروع «التوريث» بطل الفساد.. ومن حوله رموز الدولة البوليسية وتزوير الانتخابات!
«مبارك» لا يخفى شماتته: «ألم يكن قليل من الفساد خيراً من كثير من النهضة؟.. ألم يكن رجالى أكثر «حنكة» فى تفصيل القوانين وترقيع الدستور.. كيف يقبل شعب «ثائر» هذا الدستور المشوه؟؟».
إنه الدستور الذى صُمم خصيصاً على مقاس الإخوان، فأصبح الرئيس -أى رئيس- بموجبه بريئاً من تهم قتل المتظاهرين، وعُلقت المسئولية فى رقبة رئيس الوزراء ووزير الداخلية.. وبالتالى «مبارك» برىء.. تماماً مثل «العسكر» والدكتور «محمد مرسى».. واختلطت دماء شهداء «25 يناير» بشهداء «محمد محمود» و«ماسبيرو» و«بورسعيد» و«المقطم» و«الاتحادية».. وغيرهم!
لم يعد «مبارك» ذلك الأسد الجريح الساكن فى محبسه العلنى، إنه الرجل «المنتصر» الذى دمر النخبة السياسية فترك أحزاباً هشة لا تعرف إلا الصراع، وأدخل الشعب فى غيبوبة دينية من الفقر والقهر.. فماذا تفعل «جبهة الإنقاذ»؟.
«الفرعون» الذى سجدت له مصر مرغمة، يلوّح لجماهير سقطت بالضربة القاضية المسماة «إعلانات دستورية».. يبتسم «الفرعون» لشعب أصبح يقول: «ولا يوم من أيامك يا مبارك».. لثوار تصالحوا مع «الفلول».. ولسان حاله يقول: «كنت أصدر الغاز لإسرائيل.. لكن كنت أوفر لكم السولار والكهرباء».
هل نحن من يشفق على رجل طالب بعضنا بإعدامه، أم هو من يشفق على شعب اختار «الإخوان» فأطلقوا عليهم «الميليشيات» تقتلهم دون «دية»؟
«مبارك» ساخراً: «لقد استبدلوا «عز» بـ«الشاطر» و«مالك».. وألغوا المواد 76 و77 من الدستور وجاءوا بدستور عنصرى يكرس السلطة فى يد «الجماعة».. وخضعوا لعملية «الأخونة» والعصف بالقضاء.. هل هذا هو الشعب الذى حطم عرشى؟؟».
ألم تكن تنمية مبارك حقيقة.. ونهضة «مرسى» وهماً؟؟.. ألم تتآكل الثورة حتى لم يتبقَ منها إلا اسمها؟
قطعاً لم يكن «مبارك» هو الحاكم العادل الرشيد، ولا كان هامشه الديمقراطى أقصى طموحنا.. نحن شعب جدير بالحرية والعدالة الاجتماعية اصطدم بحائط «دولة الخلافة» فأصبحنا «أسرى الإخوان»!
لقد ثرنا على رجل لم يؤجر أرضنا من الباطن ولم يكن خائناً.. وجئنا بجماعة تهدى «سيناء» لحماس و«حلايب وشلاتين» للسودان.. وكأنما أسقطنا «الحاكم» فخسرنا «الوطن»!