الغربية: جمعيات أهلية تسد «عجز الحكومة» وأخرى ترفع شعار «اخطف واجرى»
حلقة نقاشية لإحدى مؤسسات المجتمع المدنى فى الغربية
فى إطار استكمال دور الدولة فى رعاية المواطنين، ظهر عدد غير قليل من الجمعيات الأهلية فى العديد من مدن وقرى محافظة الغربية، بعضها استطاع أن يؤدى دوره المنوط به فى تنمية المجتمع المحلى، ليسد نقاط «العجز» فى الأداء الحكومى، بينما لم يمكن للبعض الآخر أن يتخطى إغواء «الوجاهة الاجتماعية»، فيما رفعت بعض الجمعيات الأخرى شعار «السبوبة أولاً»، بحثاً عن مصدر للثراء السريع للقائمين عليها، واجتذب العمل الأهلى عدداً من رموز المجتمع المدنى والشخصيات السياسية المعروفة، مما ساعد بعض الجمعيات على اتخاذ خطوات جادة على طريق تنمية المجتمعات المحلية، من خلال التواصل مع المواطنين، وسماع شكاواهم، والعمل على حلها، بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات ميدانية، وبرامج مساعدات خيرية يستفيد بها أهالى تلك المجتمعات، فى مختلف مراكز المحافظة، وفى مقدمتها قرى مركزى طنطا والمحلة الكبرى.
تبرعات وقاعات أفراح ومراكز طبية و«منح» سعودية وإماراتية وقطرية أبرز مصادر التمويل.. و«التضامن»: 1536 جمعية مشهرة منها 434 لتنمية المجتمع وحل 395 لمخالفة الاشتراطات
وحتى وقت قريب، كان عدد الجمعيات الأهلية المشهرة فى محافظة الغربية يتجاوز 2200 جمعية، إلا أن هذا العدد تقلص مؤخراً إلى 1536 جمعية، من بينها 434 جمعية عاملة فى مجال «تنمية المجتمع»، بعد حل 395 جمعية لمخالفتها اشتراطات الترخيص الممنوح لها، أو لمخالفات مالية وإدارية أخرى، وتمكنت معظم هذه الجمعيات من إيجاد قاعدة شعبية لها من خلال إنشاء المساجد والزوايا فى مختلف القرى، وفتح مكاتب لتحفيظ القرآن، ومراكز طبية خيرية، تقدم خدماتها للأهالى مجاناً، اعتمدت فى تمويلها على تبرعات المواطنين ورجال الأعمال، وعدد من أصحاب رؤوس الأموال المعروفين بمحافظة الغربية.
ففى «المحلة الكبرى»، أحد أكبر مراكز المحافظة، انتشر العديد من الجمعيات الخيرية، فى مقدمتها «جمعية الشيخ عبدالسلام أبوالفضل»، و«جمعية الإصلاح»، و«الجمعية الشرعية»، و«جمعية أمة واحدة»، واستطاعت هذه الجمعيات، على مدار الـ5 سنوات الأخيرة، أن تحقق نجاحاً كبيراً فى التواصل مع المواطنين، ورعاية عدد كبير من أبناء المدينة العمالية، وبعض القرى التابعة لها، يُقدر عددهم بعشرات الآلاف، من خلال برنامج «شنطة رمضان»، وتوزيع مواد غذائية تتضمن لحوماً بلدية ومجمدة على الأسر والعائلات الأكثر احتياجاً، وجمع جلود الأضاحى، وبعض التبرعات العينية والمادية من تجار الملابس وشنط المدارس، لتوزيعها على شباب وفتيات هذه العائلات مع بداية كل عام دراسى وفى المناسبات الدينية.
ولم يتوقف القائمون على هذه الجمعيات على تقديم خدماتها إلى المواطنين فى المجتمعات المحلية العاملة بها فحسب، بل تمكنوا من تحقيق حلقات اتصال مباشرة مع بعض الجمعيات فى عدد من المراكز الأخرى، أثمر عن تأسيس «اتحاد إقليمى»، يضم مئات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى بتلك المراكز، لتحقيق استفادة أكبر لأبناء المحافظة، من خلال المشاركة فى مشروعات قومية وبرامج لتشغيل الشباب ومواجهة البطالة، ورعاية مرضى ومصابى الحالات المزمنة.
وكذلك الحال فى مدينة طنطا، التى انتشرت فيها العديد من المؤسسات التنموية والجمعيات الخيرية، من بينها «عطاء»، و«الابتسامة»، و«مؤسسة ثروت»، و«الأورمان»، و«الرسالة»، للمشاركة فى رعاية الأطفال الأيتام وذوى الإعاقة ومرضى «التوحد»، وتحمل تكاليف علاج بعض العمليات الطارئة لبعض الحالات، منها عمليات جراحة القلب وزراعة القرنية والقوقعة وغيرها، مما حقق لها انتشاراً سريعاً بين المواطنين فى مناطق عملها.
وفى مركزى زفتى والسنطة، ظهرت عدة جمعيات خيرية، يديرها أفراد من عائلات «بدراوى» و«فودة»، ولعبت تلك الجمعيات دوراً رئيسياً فى استقطاب عدد كبير من الأهالى والمواطنين، من خلال الخدمات التى تقدمها، ومنها توزيع الملابس وشنط المدارس، وسداد مصروفات أبنائهم بالمدارس، ومصاريف دراستهم الجامعية، وكانت هذه الجمعيات أحد عناصر الدعم الذى حظى به أفراد من تلك العائلات الكبيرة خلال بعض المنافسات الانتخابية مؤخراً، كما كانت سبباً فى حسم السباق لصالحهم، ولا يختلف الحال كثيراً فى مراكز سمنود وقطور وكفر الزيات، حيث سيطرت بعض العائلات على مصادر تمويل الجمعيات الأهلية فى القرى التابعة لتلك المراكز، وغالباً ما تعتمد على إقامة «قاعات أفراح» لتمويل أنشطتها، بالإضافة إلى تلقى بعضها تمويلات على شكل «منح لا ترد»، أو «هبات»، من مؤسسات خيرية فى عدد من الدول الخليجية، ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، بل وأيضاً من مؤسسات خيرية بدولة قطر.
وعن دور الاتحاد الإقليمى النوعى للجمعيات الأهلية فى محافظة الغربية، قالت «مجدة الخواجة»، نائب رئيس الاتحاد، إن الهدف الأول من تأسيس الاتحاد هو تأهيل قيادات جمعيات تنمية المجتمعات المحلية، وإعداد كوادر قادرة على دعم العمل التطوعى والأهلى، وإقامة ورش عمل تدريبية، وعقد حلقات نقاشية حول كافة القضايا والمشكلات التى يعانى منها الأهالى فى تلك المجتمعات، والعمل على حلها، وأضافت أن «الاتحاد نجح فى الآونة الأخيرة فى التواصل مع قيادات ورموز المجتمع الغرباوى، من خلال تدشين سلسلة الندوات واللقاءات، للتواصل مع شهداء الجيش والشرطة، ورعاية الأطفال وذوى الاحتياجات والإعاقة، سعياً فى رعاية أسرهم وعلاج أبنائهم فى المرحلة المقبلة»، ولفتت إلى سلسلة من المشاركات التى يتبناها الاتحاد الإقليمى، لمتابعة وتأهيل أعضاء الجمعيات، والتدريب على تنمية الموارد، وفق إطار قانونى معترف به من الدولة».
أما وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالغربية، جمال نصار، فأكد لـ«الوطن» أن المحافظة بها أكثر من 1536 جمعية «مشهرة»، منها 434 جمعية لتنمية المجتمع المحلى، و1141 جمعية لرعاية فئة ما من الفئات الأكثر احتياجاً، بينما تم خلال الفترة القريبة الماضية، حل 395 جمعية، بسبب مخالفة اشتراطات الترخيص، لافتاً إلى أن المديرية تسعى إلى تشكيل لجان تدريبية ورقابية لكافة مجالس الإدارات بالجمعيات والمؤسسات المدنية، التى تهدف إلى خدمة المواطنين، واستكمال ما تعجز عنه الحكومة فى رعاية أبناء محدودى الدخل والأسر الأكثر احتياجاً، فى مختلف مراكز المحافظة، وأوضح «نصار» أن وزارة التضامن الاجتماعى تقوم بتشكيل لجان بالأمر المباشر، لمتابعة سير إدارة بعض الجمعيات، خاصةً تلك التى تعتمد فى عملها على تلقى تمويلات من الخارج، وأوضح أن «قرار السماح بالتمويل إلى أى جمعية أو مؤسسة، يخضع لإشراف الوزارة بالقاهرة».
ومن جانبه، قال «مصطفى بسيونى»، محام وخبير قانونى فى أنشطة الجمعيات، إنه «واجب على الدولة القيام بدورها، وتحجيم دور الجمعيات المشبوهة، وحظر تمويلها من الخارج من جهات معادية للشعب المصرى»، معتبراً أن «الدولة تعيش حالياً حصاراً غير معلن من جهات خارجية موالية لجماعات إرهابية»، وشدد على أنه «لا بد من تقنين وضع بعض مؤسسات وجمعيات المجتمع المدنى، لضمان استقرار الدولة»، على حد تعبيره.