يحكى أن فلاحاً كان يعيش فى كوخ صغير، وكان كلما ذهب إلى أرضه وعاد وجد بجوار الكوخ ديناراً ذهبياً! انشغل الفلاح بالأمر وصمم أن يعرف من هذا الذى يهديه هذا الدينار كل صباح، فاختبأ جوار الكوخ وراقب المشهد، حتى رأى ما لم يتوقعه، حين لمح حية تمسك بالدينار الذهبى، وتضعه بجوار الكوخ! لعب الشيطان برأس الفلاح وقال فى نفسه: لا بد أن لدى الحية من الدنانير الذهبية الكثير، وتساءل: ماذا لو قتلتها واستوليت عليها جميعاً؟ وصمم على قتلها، وصباح يوم حمل فأسه وأخذ يترصدها، وما إن أبصرها تمر لتضع الدينار فى مكانه كما اعتادت، حتى انهال عليها بالفأس، فإذا به يقطع ذيلها دون أن يتمكن من رأسها، أصيب الفلاح بالهلع، وهرب، وعادت الحية إلى جحرها حزينة! مكث الفلاح يترقب، خوفاً من الحية.. فإذا به يلقاها على رأس أرضه، ولم يكن يتوقع ذلك، فقال لها وهو يرتجف: هلّا تغفرى لى ذنبى، ونعود كما كنا من قبل؟ فقالت له: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟!
هذه القصة أهديها إلى الإخوان الذين لهجت ألسنتهم خلال الأيام الماضية بدعوة الثوار إلى الاحتشاد معهم من أجل الوقوف فى وجه النظام السابق الذى نفش ريشه، بعد قرار إخلاء سبيل مبارك فى قضية قتل ثوار يناير، وإحساس الجماعة بأنه يوشك أن يحاط بها. ومثل الإخوان فى ذلك مثل هذا الفلاح الخبيث؛ إذ أهدتها الثورة فيما سبق عدة دنانير من ذهب، فآزرتها وساعدتها، فإذا بها تطمع فى كل شىء وتريد أن تستحوذ على كل ما يقابلها. إن كنتم نسيتم ما جرى «هاتوا الدفاتر تنقرا»، ارجع بالذاكرة إلى الوراء عشرة أشهر وتذكر ماذا كان يقول لنا الإخوان خلال جولة إعادة انتخابات الرئاسة بين «شفيق» الفلول و«مرسى» الإخوان، لقد طالبوا الثوار جميعاً بالالتفاف حول مرشحهم حتى لا نسلم الحكم من جديد إلى الممثل الرسمى للنظام القديم، وقتها صدقهم الثوار، فتقاطروا فرادى وجماعات إلى صناديق الاقتراع ليصوتوا لصالح «مرسى»، رغم عدم قناعتهم به وبجماعته، لكن «إيه اللى رماك على المر»! وعندما تأخّر إعلان نتيجة الانتخابات، نادى الإخوان الثوار للاحتشاد فى التحرير، فاستجاب لهم الأبرياء ونفروا معهم إلى الميدان، حتى تم إعلان فوز «دكتورهم».
وما إن تسلطن «مرسى» فى الاتحادية وسلطن «جماعته» على مقاعد السلطة، حتى نسى عهوده ووعوده، ولم يتردد فى توجيه داخليته إلى إطلاق الرصاص على من غضب عليه من الثوار، أو الإلقاء بهم فى السجون، وتلفيق التهم لهم، وتعذيب شبابهم فى معسكرات الأمن المركزى، وفى الشوارع وخيام الاعتصام.. على أيدى ميليشيات الجماعة، والآن تدعونا الجماعة إلى أن نغفر لها ونعود كما كنا فى الميدان؛ إسلاميين وليبراليين، إخوان وعلمان. كيف نعاودكم أيها الخبثاء وهذا أثر فأسكم؟!