إذا صح تخمينى فأنت تجلس الآن مطمئناً، تنظر بسخرية إلى المنادين بسقوط حكمك، وتردد يا «دكتور مرسى»: لن يستطيع أحد أن يسحب كرسى الحكم من تحتى، أو يطيح بى من فوقه. فلا الأزمة الاقتصادية ولا الولايات المتحدة الأمريكية، ولا وزارة الداخلية، ولا المؤسسة العسكرية، ولا الشعب المصرى الطيب الصبور المهاود بقادرين على ذلك.. سوف أبقى على الكرسى؛ لأن «عطية» الرحمن لا يستطيع أن يسلبها «الإنسان»!
الرئيس «مرسى» يرى أن كل هذه المشكلات لن تؤدى إلى مفارقته للقصر الذى أحبّه.. إنه يقول لنفسه: لا يوجد داع للخوف أو للقلق؛ فالأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعانيها البلاد لن تؤدى إلى رحيلى، فالمؤكد أن العالم لن يتركنا نصل إلى هاوية «المجاعة»؛ فالدول «بنت الحلال» أكثر بكثير من الدول «بنت الحرام»، والكل سوف يمد يده لينقذ مصر واقتصاد مصر وشعب مصر من الجوع. وبالنسبة لـ«الأمريكان» فلن يجدوا خيراً منى للدفاع عن مصالحهم وحماية «قرة عينهم» إسرائيل؛ فأنا أنفذ لهم كل ما يريدون، وأردد باستمرار: نحن دعاة سلام. وبالنسبة للداخلية فقد استطعت ترويضها، وها هى الآن تمارس دورها بامتياز فى تأديب الشباب الذى يهتف بسقوطى، وعما قليل سوف يتعب هذا الشباب ويقول: «مفيش فايدة»، لتهدأ الأوضاع تماماً. ولا خوف من الجيش؛ فقد أعطيتهم كل الضمانات التى يحلمون بها للمحافظة على أموالهم وقراراتهم فى الدستور، وقياداته لا تستطيع أن تتحرك ضدى إلا بإذن أمريكا، و«أمريكا لا تزال فى جيبى»! ممَّ أخاف؟ -هكذا يقول «مرسى» لنفسه- هل أخاف من الشعب الغلبان المطحون الذى يعيش حياته مثل «الأراجوز» حتى يحل مشكلاته؟ وحتى لو «وزّه» الشيطان ونزل إلى الشوارع، سوف يكون أولادى من الإخوان والسلفيين فى انتظاره، وسوف يجعلونه يندم على اليوم الذى فكر أن يهتف ضدى فيه.
كل المشاكل محلولة، إن شاء الله، كذلك يقول «مرسى» لنفسه، لكنه دائماً ما ينسى القضاء. ومن ينسى «القضا» يكون «قضاه» فيه! تلك هى المؤسسة التى سوف تستعصى عليك يا «مرسى»، لأنها تملك القدرة على حماية نفسها منك، بل ومحاسبتك -أنت شخصياً- بالقانون، كلامك عن فساد القضاء لن يسمعه إلا «صبيان» المرشد؛ لأن الكل يعلم أن عدد القضاة الفاسدين محدود للغاية، والدليل على ذلك أن القضاء الطبيعى -قبل الثورة- كان يخلى سبيلكم، ولم يحكم عليكم إلا بـ«حق الله»، وكم من مرة حكم لكم فيها بالتعويض بسبب الجور عليكم. وحتى هذه القلة الفاسدة من القضاة، التى تتحدثون عنها، لا تستطيع أن تؤثر على خط النزاهة الذى تسير عليه المؤسسة ككل؛ لأنها تملك تصحيح نفسها بنفسها. هل تريد إقناعنا بأنك غاضب بسبب إخلاء سبيل «المخلوع»؟ قد تكون أكثر الناس رضا بذلك؛ لأنك سوف تستفيد من الأمر، وتستند إليه عندما يحين «قضاك» على يد «القضا»!