معلومات كثيرة تم تداولها خلال الأيام الأخيرة تقرر أن شهر العسل بين الإخوان والأمريكان قد انتهى، وأن المزاج الأمريكى الآن أصبح أكثر ميلاً للاعتماد على المؤسسة العسكرية المصرية، وعدم الممانعة فى أن تكون بديلاً للرئيس الإخوانى العاجز عن تحقيق «الاستقرار» فى مصر. وقد بدأت هذه النغمة فى التصاعد بعد «صواريخ إيلات» التى صرحت مصادر إسرائيلية بأنها انطلقت من سيناء. والواضح أن الكثير من المسئولين الأمريكيين أصبحوا يقفون الآن على خط الحياد بين المؤسسة العسكرية وجماعة الإخوان.
وسواء كان «بندول» الأمريكان قد مال إلى العسكر، بعد أن كان يتجه نحو الإخوان، أو أنه يقف عند خط متوازن، بحيث لا يميل إلى أحد الطرفين على حساب الآخر، فإن الحقيقة الثابتة أن خيبة أمل «الجماعة» ينبغى أن تركب «جملاً»، بعد المراهنة على دولة «العم سام».. فالدكتور «مرسى» لا يسعى لاسترضاء أحد، سوى أمريكا وربيبتها إسرائيل، وليس يهمه أن يغضب الشعب، وتحتقن كل القوى السياسية فى مصر منه ومن جماعته، أو أن تسير البلاد سريعة نحو حافة الانهيار، كل ذلك لا يهم. الأهم من ذلك كله الرضا الأمريكى الإسرائيلى؛ لأن هؤلاء هم من يهبون الملك وينزعون الملك من أى قيادة تحكم مصر!
ورغم أن الحكمة تقول أحبب من أحببت هوناً ما، واكره من تكره هونا ما، فإن «مرسى» أحب أمريكا بإفراط، والمثل يقول «مراية الحب عامية»، فتسبب ذلك فى عدم رؤيته لما تفعله به أمريكا. فقد كان يمكن أن تقوم إدارتها بتمرير قرض الـ«4٫8 مليار دولار»، لتمنحه ضمانة لجلب الاستثمارات وانتشال الاقتصاد المصرى من «غيابات الجب» التى وقع فيها، لكنها لم تفعل. وما من مسئول أمريكى يأتى إلى مصر إلا ويجلس مع كل الأطراف المخاصمة للإخوان، بالإضافة إلى جلوسه مع مسئولى الجماعة. ورغم كل المحاولات التى اجتهد الدكتور «مرسى» فى القيام بها من أجل «فلفلة» حبيبته «أمريكا» من خلال إجراء لقاءات والقيام بزيارات عاطفية لـ«عوازلها»، مثلما فعل عندما استقبل «نجاد»، رئيس إيران، وكذلك فى زيارته المنزلية للرئيس الروسى، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تأبه له.
ومع ذلك فما زال المحب الساذج يعرب عن ثقته فى كل حين فى أن «حبيبته» ما زالت على عهد الهوى، وحتى إذا حدث فى الأمور أمور، وأعلنت «وفاقها» مع غيره، فإنه يظن أنها غير تاركة له دون ضمانات حماية، كما فعلت مع سلفه «المخلوع»، وتلك أوهام «الحب الفاشل»، فإذا كان الأمر قد تطلب -حين التخلص من «المخلوع»- إجراء مفاوضات معه من جانب «كبرات» المجلس العسكرى، فإن المسألة لن تحتاج مع «خلفه» إلى أكثر من مكالمة تليفونية تقول له: «بيتك.. بيتك.. عد إلى حيث كنت»!