كنائس المهجر.. سـفـارات شـعبيـة
«تواضروس» خلال زيارته لإثيوبيا «صورة أرشيفية»
«كنائسنا فى المهجر، هى سفارات شعبية لمصر»، هكذا لخص البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، دور الكنيسة الوطنية فى الخارج، حيث تنتشر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى 60 دولة حول العالم، ويوجد الأقباط فى مائة دولة.
دور الكنيسة القوى فى الخارج ظهر بوضوح عبر تحركات البابا تواضروس الثانى، عقب ثورة الثلاثين من يونيو 2013، حيث زار العديد من الدول، ولم تسقط مصر من فمه ولسانه خلال لقاءاته المتعددة التى عقدها مع رؤساء وحكومات وكنائس تلك الدول.
عمل البابا خلال تلك اللقاءات على توضيح حقيقة الأحداث التى تشهدها مصر خلال السنوات الأخيرة، وعكس صورة جيدة للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، وطلب مساعدة دول وحكومات العالم لمد يد العون لمصر ومساندتها اقتصادياً لأنها رمانة الميزان لاستقرار مسيحيى الشرق الأوسط، دون تقديم أى طلب طائفى يخص كنيسته أو الأقباط فقط.
عمل البابا على توضيح حقيقة الأحداث وقدم صورة جيدة للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين وطلب مد يد العون لمصر ومساندتها اقتصادياً لأنها رمانة الميزان مقدماً الدعوة لكل من يلتقيه لزيارة مصر وتشجيع السياحة والتعرف على أوضاع مصر عن قرب ومعرفة تاريخها العميق
وأكبر مثال على ذلك الزيارة الأخيرة للبابا إلى اليونان، التى جاءت بعد قطيعة دامت ربع قرن مع الكنيسة اليونانية، وخلالها التقى بالرئيس اليونانى ورئيس وزرائه، وزار جمعية البرلمانيين الأرثوذكس الأوروبيين فى العاصمة أثينا، وبشر بمصر ومستقبلها وما تشهده من إنجازات على كافة الأصعدة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، مقدماً الدعوة لكل من يلتقيه لزيارة مصر وتشجيع السياحة والتعرف على أوضاع مصر عن قرب ومعرفة تاريخها العريق.
لم يكتف البابا بعلاقاته الخارجية فقط، بل أصدر الكثير من التوجيهات لأساقفة الكنيسة فى الخارج لمساندة مصر فى كل المحافل الدولية، وأرسل وفوداً كنسية لقيادة مظاهرات الأقباط فى الخارج، خاصة فى نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، للترحيب بالرئيس السيسى خلال إلقاء كلمته السنوية بالجمعية العامة للأمم المتحدة، لإيصال رسالة للعالم بالشعبية التى يحظى بها الرئيس فى الداخل.
كما لم يتوان البابا عن استخدام علاقاته الكنسية مع إثيوبيا فى مساعدة الدبلوماسية المصرية على حل أزمة سد النهضة، والتأكيد على أن المصريين يرحبون ويقفون مع الإثيوبيين فى حق التنمية دون التفريط فى حق مصر من مياه النيل وهو الحق الذى يمثل لمصر مصدر حياة ووجود، رافضاً لغة التصعيد واستبدالها بلغة البناء والتعاون وتحويل مصدر الخلاف لمصدر تعاون مشترك للتنمية فى كلا البلدين.
الأقباط يوجدون فى 100 دولة حول العالم والكنيسة المصرية توجد فى 60 دولة
وكذلك سعت الكنيسة لتوطيد العلاقات مع الكنيسة الروسية عبر زيارة البابا تواضروس التاريخية لموسكو، فى ظل تنامى تلك العلاقات مع الدولة المصرية، ولم يقف البابا مكتوف الأيدى حينما سقطت الطائرة الروسية فوق سيناء، وفتح أبواب الكنيسة لإقامة قداسات العزاء والصلاة لضحايا الطائرة وأرسل الوفود الكنسية إلى موسكو للمشاركة فى قداس الأربعين لضحايا الطائرة.
كما أطلقت الكنيسة دعوة لأقباط المهجر وأقباط الداخل للتشجيع على دعم السياحة المصرية بعد الحوادث الإرهابية التى شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة، باعتبارها العصب الرئيسى للاقتصاد المصرى، كما عملت على تشجيع الأقباط فى الخارج على شراء الشهادات الدولارية التى أطلقتها الحكومة لزيادة الرصيد الدولارى المصرى فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تشهدها مؤخراً.
التعبئة الدولية التى عملت الكنيسة المصرية عليها لمساندة مصر انعكست أيضاً على توسعها عالمياً فانتشرت فى الشرق والغرب وافتتحت لها كنائس جديدة فى العديد من الدول العربية كالبحرين والإمارات، التى قامت الأخيرة بالمساهمة المالية فى تمويل بعض المشاريع الكنسية المصرية، كما استطاعت الكنيسة أن تفتتح كنائس جديدة لها فى أفريقيا وفى كوريا الجنوبية.
وقد يكون بحكم أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وهى كنيسة مصرية خالصة تلعب الدور الأكبر فى مساندة الوطن، ولكن تلعب الكنائس المصرية الأخرى الدور نفسه، عبر العلاقات التى تربطها بالكنائس الأم فى الخارج، مثل الكنيسة الكاثوليكية وارتباطها بالفاتيكان أو الكنيسة الأسقفية وارتباطها برئيس أساقفة كونتربرى بإنجلترا، وعلاقات الكنيسة الإنجيلية بدوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال مينا أسعد، مدرس اللاهوت الدفاعى بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إنه دائماً ما تقف الكنيسة مواقف وطنية، لأنها مصرية بالأساس وأبناءها هم أبناء هذا الوطن، وقد حمل تاريخها مواقف داعمة من خلال علاقاتها الخارجية، ولا بد من الإشارة إلى أن تعبير «العلاقات الخارجية للكنيسة» لا يعنى أن الكنيسة لها علاقات خاصة تنفصل عن الدولة المصرية، ولكنه ربما يعنى العلاقات التى نشأت بين الكنيسة وبعض الخارج من منطلق مصرية ووطنية الكنيسة من جانب، ومن منطلق نفوذها الدينى من جانب آخر، ولكن كله ينصب فى إطار الوطنية الكاملة.
البابا طالب أساقفة الخارج بتصحيح صورة مصر فى أوروبا وأمريكا.. وكلف بالحشد القبطى فى نيويورك للترحيب بالسيسى
وأضاف أسعد، لـ«الوطن»، أنه كثيراً ما نجد اللقاءات الرسمية للكنيسة مع سفراء الدول والقيادات الدينية لدول أخرى ما ينقل الرسالة المصرية الموحدة للآخر، فتنقل الرؤية الوطنية للكنيسة، شارحة للأوضاع العامة كصوت يساند الموقف العام.