مسلمون فى حضرة القديسين
مسلمون ومسيحيون «إيد واحدة» «صورة أرشيفية»
«الرحمة يا إلهى، الرحمة والعفو يا أبانا الذى فى السماوات، ارحمنى واعف عنى فإنى كما تعلم ضعيفة، يا إلهى الرحيم لدىّ امتحانات وأحتاج أن تقف بجوارى».. كلمات قالتها «مريم» صاحبة الـ20 عاماً والطالبة بالجامعة، بصوت متهدج، داخل مزار الشهيد العظيم مار جرجس فى مجمع الكنائس بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة.. بجوار «مريم» تقف صديقتها وزميلة دراستها «آية»، ترتدى حجابها الذى يميزها عن كافة الحضور بأنها مسلمة، تنظر «آية» إلى من حولها ثم تعيد النظر على المكان الموجود بالداخل المضاء بنور أخضر وتخرج منه رائحة البخور الزكية، وترفع يدها وكأنها تدعو الله أو تقرأ القرآن فى سرها.
يأتى الدور على «مريم» للسلام فتسلم على السيدة وتقبِّل الصليب وتضعه على رأسها.. وتطلب «مريم» من السيدة الصلاة من أجلها وتقول: «صلى لى يا أمى أنا وصديقتى آية»
فى مصر فقط يمكنك أن تجد مسلماً يقف فى حضرة القديسين للتبرك والدعاء، مثلما يقف مسيحيون على عتبات الأولياء.
تنتهى «مريم» من دعائها ثم تمضى خطوتين لتقف فى طابور به عدد من الأشخاص للسلام على سيدة ترتدى ثوباً أسود وحجاباً يظهر وجهها المريح وتجلس على كرسى وأمامها مكتب صغير وتحمل فى يدها صليباً خشبياً، يأتى الدور على «مريم» للسلام، فتسلم على السيدة وتقبل الصليب ثم تضع السيدة الصليب على رأسها وتطلب مريم من السيدة الصلاة من أجلها وتقول: «صلى لى يا أمى أنا وصديقتى آية»، تنظر «آية» فتجد السيدة تبادلها نفس النظرات بود ورحمة فتأتى وتسلم عليها وتمضى خارج المزار.
فى هذا المكان الذى يمتلئ بالزوار من كافة الجنسيات تقف آية وتقول: «فى الحقيقة أنا بحب كل الأماكن اللى فيها ناس طيبين، المكان هنا مريح قوى وبحس فيه بسكينة، وبقالى سنتين باجى هنا لزيارة القديس مار جرجس مع صاحبتى مريم».
تؤكد «آية» أنها مسلمة ومتدينة وتصلى كل الفروض، ولكنها تبرر زيارة هذه الأماكن بأنها تحب الطيبين: «الحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله أنا فخورة بدينى، لكن الناس الطيبين دول موجودين فى كل مكان وكل زمان وكل الأديان، علشان كدا أنا بحبهم وبحب أزورهم».
وتتابع: «امتحانات نصف السنة خلال الأيام دى وأنا الحقيقة بكون متفائلة جداً بعد زيارتى للمكان ده». عادة غريبة تفعلها «آية» بمجرد دخول هذا المكان: «بعمل حاجة غريبة بمجرد دخولى المكان ده، بفضل أقرأ قرآن فى سرى وبعدها بادعى ربنا وبخرج على طول، هى دى الحاجة الوحيدة اللى بعملها فى كل مرة بزور فيها المكان ده».
تبتسم «مريم» ابتسامة رقيقة بمجرد أن تسمع زميلتها تقول إنها تقرأ القرآن فى هذا المكان، وقالت: «زيارة هذه الأماكن تريح قلبى، وتساعدنى على التركيز، فى كل مرة بكون فيها هنا بطلب شفاعة القديس مار جرجس، وفى كل مرة بطلب شفاعته ربنا بيوفقنى وبانجح». تذهب «مريم» وصديقتها مسرعتين حتى يلحقا بالمحاضرة التى لم يتبق إلا أقل من ساعة حتى تبدأ.
«آية»: أصلى كل الفروض وعندما يقترب امتحانى أزور مارجرجس للدعاء
«أنا جيت المكان ده كتير، وجربته، كنت مريضة وربنا شفانى لما زرت المكان ده، وفيه مكان تانى فى مصر القديمة دير اسمه أبوسيفين زرته فى الفترة اللى كنت عيانة فيها». بهذه الكلمات بدأت إحدى السيدات المحجبات حديثها أثناء مرورها فى إحدى الحارات فى منطقة مجمع الأديان بمصر القديمة، ورفضت السيدة الإفصاح عن اسمها ولكنها قالت: «أنا بحب المكان ده والقديسين اللى فيه كلهم بركة، أنا جربت بنفسى أكتر من مرة كنت مريضة وفى حد وصف لى المكان ده وقال لى روحى واطلبى شفاعتهم وهما هيساعدوكى وهيحلوا لك مشكلتك، وهتخفى». وتتابع: «أنا جيت هنا وكنت تعبانة قوى وعيانة، كان عندى صداع استمر معايا سنين، لكن لما جيت المكان وطلبت من الناس يصلوا لى بعدها خفيت وبقيت الحمد لله كويسة».
فى كنيسة سانت تريزا فى منطقة شبرا الخيمة يقف الأب «جوزيف» الذى لا يزيد عمره على الـ40 عاماً على مدخل الكنيسة مرتدياً ملابس كاجوال «بنطلون جينز وبلوفر وجاكت أسود»، ممسكاً فى يده ورقة تبدو أنها تهنئة بالعيد يريد أن يعلقها فى لوحة الإعلانات الموجودة فى مدخل الكنيسة.
بوجه صافٍ وابتسامة صافية، تحدث معنا الأب جوزيف قائلاً: «نحن فى منطقة شعبية منطقة شبرا، وتعتبر كنيسة سانت تريزا مزاراً محبباً للجميع مسيحيين ومسلمين، وهناك إقبال كبير من المسلمين على زيارة سانت تريزا، لأنها إنسانة صالحة والجميع يطلب بركتها وشفاعتها.