«الوطن» ترصد المعارك الدبلوماسية قبل مؤتمر باريس للسلام فى الشرق الأوسط
اجتماع مجلس الأمن الأخير أدان الاستيطان الإسرائيلى فى فلسطين
السؤال الذى يفرض نفسه هو هل إدارة «ترامب» قادرة فعلياً على إنجاز السلام فى الشرق الأوسط؟.. هذا السؤال تصدى له واحد من أهم الباحثين والأكاديمى فى الولايات المتحدة وهو دينيس روس.. ونشر ما يمكن تسميته بتقدير موقف فى صحيفة «واشنطن بوست» حمل رؤيته تجاه المشهد الحالى فى عملية السلام وقدرة «ترامب» على اختراق الموقف.
1
هل يفعلها «ترامب»؟
وكتب دينيس روس قائلاً: مثله مثل العديد من أسلافه، يطمح دونالد ترامب إلى تحقيق السلام فى الشرق الأوسط. فقد قال مؤخراً: «أحب أن أكون الشخص الذى تمكّن من إحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين». وأضاف: «لدى أسباب تجعلنى أعتقد أننى قادر على ذلك». ومن الواضح أن إحلال السلام فى الأراضى المقدسة هو مسألة طالما جذبت الرؤساء الأمريكيين.
وفى هذا الصدد، إذا عُدنا عشرات السنين إلى الوراء، نرى أنه رغم تدهور الحالة الصحية للرئيس الأمريكى السابق فرانكلين ديلانو روزفلت، فإنه قرر لقاء الملك السعودى عبدالعزيز بن سعود فى مصر بعد «مؤتمر يالطا»، لأنه اعتقد أنه قادر على إقناعه بمنح «جزء من فلسطين» إلى اليهود «دون الإضرار بمصالح العرب بأى شكل من الأشكال». ومن جهته، وظّف دوايت آيزنهاور روبرت آندرسون، تحت اسم رمزى «مشروع جاما»، للعمل بشكل سرى مع دافيد بن جوريون وجمال عبدالناصر لإحلال السلام، لكنه أصيب بخيبة أمل كبيرة عندما أخفق فى ذلك.
مناورة مصر فى مجلس الأمن تصيب الدبلوماسية الإسرائيلية بالارتباك
أما ريتشارد نيكسون، ورغم معاناته من التهاب وريدى، فقد سافر إلى مصر وإسرائيل وسوريا فى الأيام الأخيرة من ولايته الرئاسية، معتقداً أن بإمكانه حشد زخم حقيقى للسلام. وفى أواخر السبعينات، تمحورت رئاسة جيمى كارتر حول إحلال السلام العربى - الإسرائيلى، وكما كان يقول فى وقت لاحق: «لقد استحوذت مسألة الشرق الأوسط على [تفكيرى]».
وكانت الخطة الوحيدة التى سُمّيت تيمناً بالرئيس الأمريكى الأربعين هى خطة «ريجان للسلام فى الشرق الأوسط»، التى طرحها رونالد ريجان فى الأول من سبتمبر 1982.
ويقول دينيس روس: بصفتى مبعوث بيل كلينتون إلى الشرق الأوسط، لمست عن كثب أن مهمته كانت متمثلة فى صنع السلام العربى - الإسرائيلى. وقد دفعه هذا الأمر إلى استضافة ياسر عرفات وإيهود باراك فى كامب ديفيد خلال صيف عام 2000، وإلى عرض طروحات «كلينتون» بعد خمسة أشهر لحلّ الصراع. وربما تطرّق جورج بوش الابن إلى هذه المسألة متأخراً، لكنه استضاف مؤتمر السلام فى أنابوليس، فى حين وضع باراك أوباما السلام الإسرائيلى - الفلسطينى على سلّم أولوياته فى بداية رئاسته، ليُعرب لاحقاً عن أسفه الشديد إزاء إخفاق وزير خارجيته جون كيرى فى التوصل إلى اتفاق سلام بعد جهود حثيثة ومكثفة دامت تسعة أشهر انتهت فى ربيع عام 2014.
وتاريخياً، فإن إحلال السلام [بين إسرائيل والفلسطينيين] قد جذب الرؤساء لأسباب موضوعية وذاتية. فمن الناحية الموضوعية، اعتقد معظمهم -بشكل غير صحيح- أن الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى كان مصدر جميع النزاعات الإقليمية، الأمر الذى دعا إلى إيجاد حلّ له. أما من الناحية الذاتية، فقد كان يحدث أمر أعمق، فقد بُهر كل واحد بفكرة أن يكون هو من يجلب السلام إلى المنطقة التى تُعتبر مهد الحضارات والأديان السماوية الثلاثة. ولطالما استقطب الصراع على الأراضى المقدسة أنظار العالم واهتمام الرؤساء الأمريكيين. كما أن مدى تعقيده قد يكون أيضاً مصدر جاذبية. ومجدداً، لننظر إلى وصف «ترامب» لهذا الصراع كونه «الصفقة النهائية».
«أبوالغيط» يتولى إعادة صياغة الموقف العربى ووأد فكرة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
إن السؤال الذى يطرح نفسه هنا، هل ستنجح إدارة «ترامب»، حيث فشل الآخرون؟ لقد فاجأ «ترامب» العالم بانتخابه؛ وإن كان سيفاجئه أيضاً بإحلال السلام الإسرائيلى - الفلسطينى، فيجب ألا تغيب عن باله التوجيهات التالية:
- الاستعداد للالتزام بالدبلوماسية، حتى لو كان ذلك يعنى إحراز تقدّم تدريجى فقط. ففى غياب الدبلوماسية، غالباً ما يملأ العنف الفراغ ويعمّق الاعتقاد بأن النزاع لن ينتهى أبداً، علماً بأن المقاربات القائمة على «جميع المكاسب أو لا شىء»، لا تؤدى إلى أى نتيجة حتماً.
- التحقّق مما هو ممكن سراً، والسعى إلى تحقيق نتيجة ملموسة. والأهم من ذلك، عدم إطلاق مبادرات عامة كبيرة قبل التأكّد من إمكانية نجاحها؛ ونظراً إلى الشكوك العميقة التى تساور حالياً الإسرائيليين والفلسطينيين على حدّ سواء، ربما يتمثّل الهدف الأهم فى إحياء الأمل بوجود إمكانية للتوصل إلى حل.
- وبالتالى، لا بدّ من أن تكون المساعى الأولية مصمّمة لحثّ كل جانب على تبديد شكوك الجانب الآخر وإظهار أن التغيير ممكن. على سبيل المثال، يمكن للإسرائيليين تبديد شكوك الفلسطينيين عبر الإعلان عن عدم وجود سيادة إسرائيلية شرق الحاجز الأمنى، وأن إسرائيل لن تبنى بعد الآن [مستوطنات] خارج الكتل الاستيطانية. ويمكن للسلطة الفلسطينية القيام بعمل مكافئ عبر الاعتراف بوجود حركتيْن قوميتيْن تطالبان بدولتيْن لشعبيْن وإنهاء مساعيها الرامية إلى نزع الشرعية عن إسرائيل فى جميع المحافل الدولية.
- التركيز على صُنع السلام ليس فقط من خلال الجهود التنازلية [من القمة إلى القاعدة]، لكن أيضاً من خلال الجهود التصاعدية [من القاعدة إلى القمة]؛ فتحسين الاقتصاد الفلسطينى والبنى التحتية وبناء المؤسسات يصبّ فى مصلحة الطرفيْن، ويمكن أن يغيّر شعور الشعب الفلسطينى بالعزلة العميقة. يُذكر أنه لم يتمّ تحقيق سوى القليل جداً على صعيد بناء المؤسسات أو دبلوماسية السلام من القاعدة إلى القمة.
- إعادة النظر فى مقاربة ثنائية صارمة للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. فالفلسطينيون ضعيفون ومنقسمون جداً إلى درجة لا تمكّنهم من الحضور إلى طاولة المفاوضات. وفى المقابل، فإن الحكومة والشعب الإسرائيلى على قناعة راسخة بأنهم لن يحصلوا على أى مقابل ذى قيمة جراء تقديم التنازلات إلى الفلسطينيين، وبالتالى لن يقدموا أى تنازلات. ونتيجةً لذلك، لا بدّ من جسّ النبض سراً لمعرفة ما إذا كان تأمين غطاء من الدول العربية ممكناً فى المفاوضات. ومن المفارقات، أن الجانبيْن بحاجة إلى العرب، حيث يحتاج الفلسطينيون إلى غطاء لمجرّد التفاوض، ناهيك عن التنازل عن أى شىء، فى حين يعتقد الإسرائيليون أن العرب وحدهم قادرون على التعويض عن أى تنازلات يقدمونها إلى الفلسطينيين.
- الإقرار بأن المجازفة الإسرائيلية - الفلسطينية والعربية فى عملية السلام قد تتأثّر بمدى مصداقية الولايات المتحدة فى مواجهة المخاطر التى تطرحها إيران من جهة والإسلاميين السنّة من جهة أخرى. فأى طرف لن يكشف نفسه إذا لم يشعر بالأمان والثقة بالولايات المتحدة.
وفى النهاية، إن الموازنة بين الأمن الإسرائيلى واحتياجات السيادة الفلسطينية تتطلّب على الأرجح مقاربات جديدة. وربما يكمن مفتاح النجاح فى دور أى دولة عربية فى تحقيق المسئوليات الأمنية الفلسطينية ووضع معيار قائم على الأداء، لتحديد الجدول الزمنى للانسحاب الإسرائيلى، وكذلك إعداد ترتيبات للسماح باستمرار وجود الإسرائيليين والفلسطينيين فى دولة الآخر، بما يتماشى مع السلطة السيادية لكل منهما.
الأخطاء الخمسة التى أصابت تقدير موقف دينيس روس حول الرئيس الأمريكى الجديد وعملية السلام.. و«تل أبيب» توبخ السفير الأمريكى.. و«نتنياهو» يسعى للاستفادة من «ترامب» فى إعادة تغيير الموقف
2
أخطاء تحليل دينيس روس للمشهد
ما سبق، وكما ذكرنا، كان تقدير موقف قدمه الباحث والأكاديمى والدبلوماسى الأمريكى الشهير دينيس روس، لكن فى تقديرنا أن ما ذهب إليه دينيس روس وهو يبحث عن الحل تضمّن أسباب الأزمة، وهى الرؤية الأمريكية للصراع العربى - الإسرائيلى أو الفلسطينى - الإسرائيلى، ويمكن إجمال ذلك فى الآتى:
1 - أن التعامل مع هذا الملف من قِبَل الإدارات الأمريكية المتلاحقة يمثل رابطة عنق أنيقة فى بدلة كل رئيس أمريكى جديد وأن الحركة فى هذا الملف دعائية أكثر منها عملية.
2 - أغفل دينيس روس أن لهذا الصراع ثوابت مستقرة قـانـونيـاً بقرارات لمجلس الأمن الدولى التى تقضى بحل الدولتين ويتحدث وكأننا نبحث عن مخرج لصراع وُلد اليوم.
3 - تعامل دينيس روس من منطلق تحقيق نظرية الأمن الإسرائيلى، وهى نظرية أثبتت فشلها بعد حرب أكتوبر عام 1973، ولم تنعم إسرائيل بالوجود والأمن الحقيقى إلا بعد اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية عام 1979.
4 - ذهب كل تركيز «روس»، ومن ثم توجيه تركيز القارئ وصانع القرار الأمريكى إلى ما يمكن تقديمه من تنازلات من قبل الفلسطينيين والجانب العربى، فى حين أنه وفق الشرعية الدولية المؤسسة من قبل قرارات مجلس الأمن تفترض أن الكرة فى ملعب الجانب الإسرائيلى، وأنه هو الجانب الذى يفترض أن يعيد الحقوق التى تم انتزاعها بالقوة فى عدوان 1967 على الأراضى العربية.
5 - تحدث دينيس روس عن الانقسام الفلسطينى، وهو محق فى هذا الأمر، إذ تمر القضية الفلسطينية بأصعب مراحلها من ناحية الوحدة الفلسطينية تجاه الهدف المنشود، وهو إقامة الدولة الفلسطينية، لكنه أغفل حقيقة أن فلسطين دولة محتلة وأن إسرائيل سلطة احتلال وأن قطاع غزة يلقى بأعبائه على إسرائيل، بصفتها دولة الاحتلال على النحو المقرّر فى القانون الدولى وأن الأزمة الرئيسية التى عظمت هذا الانقسام هى ممارسات الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما دفع الجناح المتشدّد والمتطرف إلى الانطلاق على حساب منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.
3
«أبوالغيط» وخلق مساحات المناورة
كدبلوماسى مخضرم عاصر كل تفاصيل الصراع العربى - الإسرائيلى، فضلاً عن كونه واحداً من كتيبة الدبلوماسية المصرية التى خاضت حرب المفاوضات مع إسرائيل فى السبعينات للتوصل إلى اتفاق سلام.. التقط أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة العربية، قرار مجلس الأمن الخاص بإدانة الاستيطان ووضعه فى جدول أعمال الجامعة العربية، لأنه يدرك أن القرار وما يشكله من التزام قانونى يخلق مساحة مناورة مطلوبة تحتاج إليها الدبلوماسية العربية فى هذا التوقيت، ويعيد قدراً من الأكسجين إلى رئة بيت العرب فى ضبط منظومة الأمن الإقليمى العربى، التى تستدعى مسارات مختلفة للحركة على مستوى الإقليم، وأفضل نقطة انطلاق هى ملف الصراع العربى - الإسرائيلى والقضية الفلسطينية، باعتبارها قضية جامعة للعرب، رغم الخلافات البينية التى يعانى منها البيت العربى، والتى تستدعى عملاً وجهداً خاصاً قبل القمة العربية المقبلة.
بادر «أبوالغيط» بالترحيب بالقرار، ولم تمر الساعات الأخيرة من 2016 إلا واستقبل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، بحضور السفير جمال الشوبكى سفير فلسطين بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية.
هدف هذا اللقاء تمثل فى رسالة، هى أن «أبوالغيط» يبحث مع «عريقات» سُبل البناء على قرار مجلس الأمن 2334، الذى يُطالب بالوقف الفورى والكامل للنشاط الاستيطانى الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المُحتلة، وكيفية تفعيل القرار ومواده التى تمثل صك إدانة غير مسبوق فى حدته للسياسة الإسرائيلية، وكذا الدور المنتظر لجامعة الدول العربية فى هذا الخصوص.
وحسب ما قاله المتحدث الرسمى باسم الجامعة، فإن أمين عام الجامعة العربية تدارس مع «عريقات» كيفية المُضى قُدماً فى المرحلة المقبلة والاستفادة من الزخم الدولى الإيجابى، خصوصاً فى ظل انعقاد مؤتمر باريس للسلام منتصف شهر يناير 2017، الذى يُمثل فُرصة مثالية لبلورة الإجماع الدولى حول مرجعيات ومُحددات التسوية النهائية للصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، وبما يُمهد الطريق للبدء فى عملية تفاوضية جادة على أساس صحيح، وصولاً إلى الحل العادل والشامل بإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار المتحدث إلى أن أمين عام الجامعة العربية بحث -مع ضيفه الفلسطينى- الخطوات الواجب اتخاذها فى حال ما نفذت الإدارة الأمريكية المقبلة ما جرى الحديث عنه بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القُدس، موضحاً أن «أبوالغيط» حذّر من أن هذه الخطوة من جانب الولايات المتحدة، إن حدثت، ستُمثل انتكاسة كبيرة لكل جهود السلام، وأنه على ثقةٍ من أن الإدارة الأمريكية تدرك تبعاتها بالغة السلبية على الفلسطينيين والعرب، بل والعالم الإسلامى كله.
4
الرسائل التى حملتها تحركات «أبوالغيط»
1 - تأكيد مرجعيات القضية الفلسطينية القائمة على حل الدولتين وفق حدود الرابع من يونيو 1967.
2 - العمل على صياغة موقف عربى موحّد وقوى تتم بلورته وطرحه فى مؤتمر باريس.
3 - الوأد المبكر لفكرة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
5
ارتباك إسرائيل واستراتيجية قلب الطاولة
عقب صدور قرار مجلس الأمن، قامت الخارجية الإسرائيلية باستدعاء جميع سفراء الدول الأربع عشرة الأعضاء فى مجلس الأمن التى صوّتت لصالح القرار، ومن ثم استدعى شخصياً السفير الأمريكى دان شابيرو. وتقول الأنباء الواردة من هناك إنه تم أيضاً حث كذلك الوزراء فى الحكومة الإسرائيلية على تقييد سفرهم إلى الدول التى صوّتت بنعم، بالإضافة إلى علاقات العمل معها.
ورغم أن «نتنياهو» استثنى الولايات المتحدة من هذا التنبيه الأخير، فإن مجلس الأمن يضم بالطبع الدول الكبرى الأخرى فى العالم، لذا من غير الواضح ما إذا كان طلبه الحدّ من الروابط سيُترجم إلى أفعال ملموسة، وكيف سيتم ذلك؟
وحسب ما نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ألغت إسرائيل بالفعل زيارة رئيس وزراء أوكرانيا، الدولة العضو فى مجلس الأمن، فى خطوة قد لا تُفسّر فقط بأنها إشارة إلى استياء إسرائيل من التصويت، بل كمسعى لتعزيز الروابط مع «بوتين»، بغض النظر عن نية «نتنياهو». وفى ردٍّ احتجاجى على إلغاء الزيارة، استدعت أوكرانيا السفير الإسرائيلى فى كييف.
وباختصار، قد يُنهى تصويت الأمم المتحدة علاقة دامت ثمانية أعوام بين «أوباما» و«نتنياهو» بملاحظات متنافرة على وجه الخصوص. ورغم التوترات المعروفة حول إيران والمستوطنات وقضايا أخرى، حافظ «نتنياهو» و«أوباما» على روابط أمنية ثنائية قوية جداً، توّجتها مؤخراً مذكرة تفاهم أبرمت فى سبتمبر بشأن المساعدات العسكرية الأمريكية.
ومع ذلك، قد تضعف القيمة الرمزية لمثل هذه الإنجازات إذا كان التصويت فى الأسبوع الماضى آخر تواصل رفيع المستوى بينهما.
وحسب ما ذكره معهد واشنطن، فقد حث «نتنياهو» الوزراء على تجنّب تكرار التصريحات المؤذية التى يدعو فيها اليمين إلى ضمّ جزأى الضفة الغربية، رداً على خطوة الأمم المتحدة. ومع ذلك، فهم يدركون تماماً أن الوضع الدبلوماسى لا يزال غير مستقر إلى حدّ كبير. ويشير المسئولون الإسرائيليون إلى أنهم سيقاطعون الاجتماع الدولى لوزراء الخارجية المقرر انعقاده فى باريس فى 15 يناير، أى قبل خمسة أيام من تنصيب «ترامب». ولفت بعض أعضاء مجلس الوزراء إلى إمكانية قيام مجلس الأمن باستخدام القمة كفرصة من أجل الإسراع فى الموافقة على بيان بشأن المسألة الفلسطينية، ربما من خلال فرض أطر حلّ الوضع النهائى.
يُذكر أنه من المتوقّع أن تتولى السويد، التى اعترفت رسمياً فى وقت سابق بفلسطين كدولة مستقلة وكانت علاقاتها سيئة مع القدس على مر السنوات، رئاسة مجلس الأمن الدولى فى يناير، لذا قد يشجّع الجو الدبلوماسى على اتخاذ مثل هذه الخطوة.
أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد طرح وزير الخارجية جون كيرى فكرة الإدارة الأمريكية بشأن الدولتين خلال خطاب. وفى غضون ذلك، هدّد السيناتور البارز فى الحزب الجمهورى ليندسى جراهام بالانتقام من تصويت مجلس الأمن الدولى عبر قطع التمويل الأمريكى للأمم المتحدة.
وتقول الورقة التى أعدّها الباحث ديفيد ماكوفسكى: من المرجح أن يسعى «نتنياهو» إلى التقارب من «ترامب» بصورة أكثر خلال الأسابيع المقبلة، وجزئياً عبر دعم دعوة هذا الأخير إلى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. كما سيحث على الأرجح على إحياء رسالة الرئيس جورج بوش الابن التى وجّهها عام 2004 إلى رئيس الوزراء أرييل شارون، والتى وضح بموجبها دعم الولايات المتحدة ضمّ إسرائيل فى نهاية المطاف عدداً من الكتل الاستيطانية، فى إطار اتفاق سلام نهائى يشمل تبادل الأراضى (أى ستقوم إسرائيل بالمبادلة لقاء المجموعات الكبيرة من مستوطنات الضفة الغربية الواقعة بالقرب من الجدار الأمنى، التى تضمّ 80 فى المائة تقريباً من المستوطنين). وكانت العلاقة بين «أوباما» و«نتنياهو» قد بدأت تتدهور فى عام 2009 حين رفض الرئيس الأمريكى دعم خطاب «بوش»، وقد يسهم قرار مجلس الأمن الجديد فى تعقيد مساعى إحياء هذا الخطاب.