البحيرة.. الموت يطارد أكثر من 70 ألف مواطن داخل 8 مناطق عشوائية غير آمنة
مناطق عشوائية غير آمنة فى البحيرة
باتت المناطق العشوائية فى محافظة البحيرة خطراً يهدد أرواح آلاف المواطنين، بعدما عجز المسئولون وأجهزة المحافظة عن التصدى لهذه الظاهرة، التى انتشرت فى جميع المدن والمراكز، كما امتدت إلى القرى والنجوع، نتيجة زحف العمران إلى الأراضى الزراعية، وتقاعس المسئولين بالوحدات المحلية، وعدم تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة للتعديات الموجودة عليها، حيث تحولت المنازل المنعزلة عن العمران إلى تجمعات سكنية عشوائية جديدة، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة، وانفلات زمام الأمور من يد المسئولين.
«الوطن» تلقى الضوء على أكثر المناطق العشوائية خطراً بمحافظة البحيرة، وبحسب تصريحات مسئولين بديوان عام المحافظة، فإن هناك 8 مناطق عشوائية تم تصنيفها على أنها «غير آمنة»، ويضم مركز دمنهور 3 مناطق منها، وهى «عزبة سعد»، و«عزبة عتمان»، و«القلعة»، بالإضافة إلى «السناهرة» بمركز كفر الدوار، و«باط الكوم» بأبوالمطامير، و«أبوبطيخة» بحوش عيسى، و«بحيرة الصرف» بوادى النطرون، ومنطقة «الكسارة» بمركز رشيد، وجميعها مناطق مكتظة بالسكان، ويتجاوز عدد من يعيشون بها أكثر من 70 ألف نسمة، يطاردهم الموت، إما بسبب بيوتهم الآيلة للسقوط، أو نقص الخدمات الصحية ومياه الشرب والصرف الصحى، التى تعانى منها تلك المناطق.
العشوائيات تكشف عجز أجهزة الحكم المحلى.. ونائب المحافظ: خطة لتطوير المناطق الأكثر احتياجاً بـ25 مليون جنيه فى 2017
وقال «محمد سليم»، ميكانيكى، أحد سكان منطقة «القلعة» بدمنهور: «تقدمنا بالعديد من المذكرات إلى مسئولى الوحدة المحلية والمحافظة، بعد كارثة لحقت بنا خلال الشهور الـ6 الماضية، حيث انفجرت ماسورة مياه عمومية تحت المنازل الموجودة بالمنطقة، وحدثت تصدعات وانهيارات بالمنازل، وعلى الرغم من أن المنطقة تُعد من أقدم المناطق السكنية بدمنهور، وأقربها إلى ميدان محطة السكة الحديد، وقلب المدينة كما يطلقون عليه، إلا أن المسئولين يتجاهلون معاناة السكان ويمتنعون عن مساعدتهم»، مشيراً إلى أن أحد المسئولين بالوحدة المحلية بدمنهور قال للأهالى ذات مرة: «انتوا سكان درجة تالتة.. ومش هانقدر نعملكوا حاجة»، عندما تقدموا بشكوى يطالبون فيها بحماية المنطقة من تجار الآثار، الذين يحفرون تحت المنازل للتنقيب عن الآثار المدفونة بالمنطقة، وأضاف أن الأهالى قاموا بتحرير العديد من المحاضر بقسم الشرطة ضد هؤلاء التجار، فما كان من الوحدة المحلية إلا أن حضرت بصحبة الشرطة، وفرضت كردوناً أمنياً حول بعض المنازل التى تصدعت، وأخلتها من السكان، الذين يواجهون الآن التشرد وسط برد الليل القارس.
وتابع «سليم» أنه فى مرة أخرى تسبب «جزار» بمدينة دمنهور، فى تصدع أكثر من 8 منازل مجاورة لمنزله، وذلك بعد إجرائه عملية حفر وتنقيب عن الآثار بمنزله، مما أدى إلى حدوث هبوط أرضى بالمنطقة، بقطر 3 أمتار وعمق 1.5 متر، وبعد إخطار الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور، ورد خطاب يفيد بإخلاء المنازل المتضررة من السكان، لحين عرض الأمر على اللجنة الفنية، وتم الإخلاء بالفعل، دون توفير بديل لهؤلاء السكان، كما لو أن التشرد والعذاب كُتب على أهالى سكان «القلعة»، بحسب قوله.
أما منطقة «بحيرة الصرف»، بمركز وادى النطرون، التى تقع فى منتصف المدينة، وهى منطقة منخفضة بحوالى 5 أمتار عن الشوارع الرئيسية، فتعتبر من المناطق العشوائية غير الآمنة، وتضم حوالى 100 منزل، ولا يوجد بها صرف صحى أو مستلزمات المعيشة الكريمة، وقال «سامح عبيد دويب»، تاجر، إن «جميع منازل المنطقة مهددة بالانهيار، بعد أن تخلت الوحدة المحلية عن تنفيذ مشروع الصرف الصحى»، الذى كان يمثل «طوق نجاة» للسكان، فى الوقت الذى تم فيه ضم المناطق المجاورة إلى شبكة الصرف، وأضاف أن «المسئولين تقاعسوا عن توفير الخدمة لأهالى المنطقة»، لافتاً إلى أن هناك تصدعات بالمنازل، وهبوطاً أرضياً ببعض الشوارع، بسبب تسريب مياه الصرف الصحى المختلطة بمياه الشرب تحت المنازل، وتابع أن «الكارثة الكبرى هى تآكل مواسير مياه الشرب تحت الأرض، واختلاط المياه بالمجارى»، الأمر الذى يهدد صحة مئات المواطنين من سكان المنطقة.
ومن جانبها، قالت المهندسة نادية عبده، نائب محافظ البحيرة، لـ«الوطن»، إن صندوق تطوير المناطق العشوائية أعد الخريطة القومية للمناطق غير الآمنة بمحافظات الجمهورية عام 2009، وتم تحديثها عام 2013، وأسفرت نتائج الحصر عن وجود 8 مناطق غير آمنة بنطاق محافظة البحيرة، وتم تصنيفها طبقاً لدرجة الخطورة، وتضمنت وجود منطقة «الكسارة»، بمدينة رشيد، التى يتم تصنيفها ضمن درجة الخطورة الثالثة، أى «المناطق التى تهدد الصحة العامة»، نظراً لافتقار المنطقة لشبكة الصرف الصحى، ووجود العديد من المنازل الآيلة للسقوط، وأكدت أنه تم اعتماد الخطة التنفيذية لتطوير منطقة «الكسارة»، من خلال اتفاقية للتعاون بين صندوق تطوير المناطق العشوائية والمحافظة، وتم إتاحة تمويل بحوالى 2.3 مليون جنيه لتطوير المنطقة، كدعم اجتماعى لا يرد، وتشمل خطة التطوير تصميم وتنفيذ شبكة للصرف الصحى، ورصف الطرق المحيطة بالمنطقة، وتنفيذ أعمال ترميم وتأهيل وإعادة دهان واجهات المنازل، ولفتت إلى أنه تقرر اعتماد مبلغ 25 مليون جنيه لتطوير المناطق العشوائية بمختلف أنحاء المحافظة، خلال العام الجديد، وأضافت نائب محافظ البحيرة أنه تم إصدار القرار رقم 625 بتشكيل مجلس إدارة وحدة تنفيذ مشروع تطوير المناطق العشوائية بـ«الكسارة»، برئاستها، كما صدر أمر إسناد لشركة «النصر للخدمات والصيانة»، إحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع، لتنفيذ خطة التطوير المعتمدة بقيمة إجمالية تُقدر بنحو 20 مليون جنيه، خلال 12 شهراً من تاريخ استلام الموقع أو الدفعة المقدمة، وأكدت أنه يجرى التنسيق مع صندوق تطوير العشوائيات لإتاحة التمويل اللازم، للبدء فى تطوير تلك المناطق.