ما نتفق عليه جميعاً هو أن بداية الحل تكمن فى تنمية سيناء وجذب المزيد من الاستثمارات على أراضيها.. وهو الأمر المثير للجدل، بعدما تردد عن محاولات قطر وتركيا الدخول فى هذا المضمار، وما أثير عن مدى تهديد ذلك للأمن القومى المصرى.. خاصة بعد المشروع العجيب المعروف إعلامياً باسم إقليم قناة السويس، والذى يمكن أن نطلق عليه «ديليسبس 2».
أضف إلى ذلك أن ما يحدث فى مصر الآن هو مثير للقلق والضغوط النفسية والعصبية والسياسية بقدر يفوق الاحتمال على تحديد أبعاد ما يتم تخطيطه لسيناء بترتيبات محلية وعربية ودولية معقدة جداً. وتحول أمر سيناء إلى العديد من الأسئلة المجهّلة على غرار:
- هل أصبحت سيناء الخطر القادم على مصر؟!
- هل ضاعت سيناء وفقدتها مصر كما يروج البعض الآن؟!
- ما حقيقة صراع الذئاب الثلاثة (حماس وإسرائيل وإيران) على سيناء؟، وبالتبعية.. ما هى أطماعهم السياسية والاستراتيجية فيها؟
- ما الهدف من وراء نشر شائعات كاذبة وخطيرة مثل: عدم قدرة مصر على تأمين حدودها، أو التصريحات الإيرانية حول كون سيناء جبهة جديدة فى إشارة للمنظمات الجهادية الموجودة هناك؟!
ما أقترحه فى هذا الصدد بغض النظر عن محاولة الاجتهاد فى الإجابة عن الأسئلة السابقة، كحل ومخرج وطنى مصرى بالدرجة الأولى، هو أن يتم إسناد المشروعات الاستثمارية لتنمية سيناء بالكامل للقوات المسلحة المصرية، وذلك لعدة أسباب، منها:
أولاً: إن القوات المسلحة المصرية هى الجهة الوحيدة المستأمنة على أرض سيناء بدون التشكيك فيها وبدون اتهامها بالتفريط فى الأراضى المصرية. ولكونها الوحيدة القادرة على تنفيذ خطط التنمية والمشروعات الاستثمارية بدون أى مساس للأمن القومى المصرى؛ بل وهى القادرة على تأمين سيناء وتطهيرها من أى عناصر جهادية أو إرهابية.
ثانياً: إن القوات المسلحة المصرية تتسم فى تنفيذ مشروعاتها التنموية بالانضباط من خلال ثلاثة معايير محددة هى: سرعة التنفيذ، والأقل تكلفة، والأقصى جودة وكفاءة. وربما يكون المثال الدال على ذلك هو تنفيذ مطار سوهاج الذى قدرت تكلفة تنفيذه بحوالى مليار و400 مليون جنيه، وبعد أن تعثر التنفيذ تم إسناده إلى القوات المسلحة المصرية حيث قامت بتنفيذه فى وقت قياسى وبتكلفة 400 مليون جنيه فقط.
ثالثاً: إن القوات المسلحة المصرية تقوم بتنفيذ المشروعات بالشراكة مع شركات مدنية عامة غير تابعة للجيش وغير حكومية أى إنها شراكة مع رأس المال الوطنى من جهة، وبعمالة مصرية خالصة من جهة أخرى، وهو ما يعنى مواجهة البطالة من جهة، وإشراك رجال الأعمال فى مشروع وطنى ضخم من جهة أخرى.
رابعاً: إن القوات المسلحة المصرية تعمل من خلال مبدأ رئيسى فى الانضباط، وهى تتشارك وتتعاقد مع الشركات المدنية من خلال معايير التنفيذ بأدق المواصفات والشروط، كما تتم مواجهة أى تقاعس أو تقصير فى التنفيذ بفرض الغرامات وإنهاء الشراكة مع القوات المسلحة المصرية نهائياً، وهو ما يعنى عدم وجود أى شبهة للفساد سواء على المستوى المالى أو الفنى لأى مشروع.
خامساً: إن هناك ثقة من المواطن المصرى العادى فيما تقوم به القوات المسلحة المصرية من مشروعات وطنية عديدة على غرار: المستشفيات والطرق (الكريمات والعين السخنة)، والمخابز، ومحطات تحلية مياه الشرب، وحفر الآبار.
أما شرط أن تتولى القوات المسلحة المصرية التزام ومسئولية تنمية قناة السويس، هو أن يتم التعامل مع هذا المشروع باعتباره مشروع القرن أو المشروع القومى الذى يسهم فيه كل المواطنين المصريين سواء كرجال أعمال وطنيين مصريين أو موظفى الحكومة، حيث يمكن التبرع بمبلغ بسيط محدد شهرياً لمدة سنة واحدة فقط، أما الشرط الأهم فهو أن تتولى أى جهة رقابية حكومية محايدة متابعة ميزانيات ومصروفات هذا المشروع للمزيد من الشفافية.
يبقى السؤال الرئيسى لهذا المقال: هل تستطيع مؤسسة الرئاسة أن تتخذ قراراً بإسناد المشروعات الاستثمارية لتنمية سيناء بالكامل للقوات المسلحة المصرية.. فى تحدٍّ حقيقى واختبار مباشر لمدى قدرة مؤسسة الرئاسة على الانحياز الوطنى لصالح المواطن المصرى ومستقبله؟!