بين «الكُتّاب»: «صحفى مميز».. و«نرجسى» فى كتاباته
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل
اختلف الكتّاب والمؤلفون على شخصية الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، تماماً كما اختلفوا معه فى حياته وحتى بعد وفاته، حيث وجد بعضهم أنه نموذج للصحفى الذى وصل إلى ذروة الصحافة المصرية، والذى بلغ منها ما لم يبلغه غيره فى هذا المجال، فى حين رآه البعض الآخر صحفياً عادياً لا يتميز بشىء عن غيره سوى قربه من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى تسبب فى شهرته إلى هذا الحد.
كتب رفعته إلى القمة وأخرى خسفت به الأرض
فى كتابه الشهير «هيكل الثعلب السياسى الكبير» أفرد الكاتب الصحفى محمود فوزى صفحات للحديث عن قصة صعود الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ليضع القارئ أمام حقيقة واحدة وهى أن اسم «هيكل» يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمهنة الصحافة التى صنع فيها الكثير، فعلى حد تعبيره: «بمجرد أن يذكر اسم (هيكل) فإنه يتبادر إلى الأذهان كلمة الصحافة، فهذا الاسم له مكانته فى الصحافة المصرية»، يعتبر «فوزى» محمد حسنين هيكل صحفياً مميزاً، فمن وجهة نظره هو الصحفى الوحيد الذى استطاع أن يمحو المسافات بين الصحفى والسلطة الحاكمة، إذ كان الصديق المقرب للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فكان يحضر معه جميع المؤتمرات، ويخبره بكل ما يدور حوله.
أما الكاتب عبدالعظيم رمضان، فيرى أن «هيكل» صحفى مميز لا يحب التدخل فى الشئون السياسية للدولة، حيث يروى فى كتابه الشهير «هيكل والكهف الناصرى» أن «هيكل» عزل نفسه عن ظروف العصر الذى يعيش فيه، وحبس نفسه فى كهف العصر الناصرى، ولم يشغله فى مشاكل عصره غير الوضع الاقتصادى والتناقض الحاد بين الفقر والغنى، الذى رآه سبباً للشعور بالاستفزاز الذى يصعب تجاهله أو السكوت عليه.
«عيسى»: ظاهرة معاصرة لم تقيّم بإنصاف حتى الآن وما كُتب عنه مجرد شهادات يجب أن نتناولها بحذر
ويؤكد الكاتب جمال الشلبى فى كتاب «محمد حسنين هيكل استمرارية أم تحول؟» على ما سبق، من أن «هيكل» لم ينفصل عن مهنته يوماً ولم يكن يهوى الانشغال بالعمل السياسى، ورغم ذلك فإن إرادته فى خدمة قضية مصر، وعشقه للشأن العام أديا به تدريجياً للدخول إلى عالم السياسة، إذ على امتداد سنوات الناصرية فى مصر، ظل «هيكل» صديقاً مقرباً للرئيس الراحل عبدالناصر، ذا حضور مهم وقيمة كبيرة للرئيس الراحل، فقد شاركه فى جميع الأحداث التى رسمت الحياة السياسية المصرية.
وفى كتاب «مفتريات هيكل فى خريف الغضب» يحدد الكاتب محمد مورو معيار الأستاذ بقوله: يمكن أن نحدد المعيار الغربى كمعيار لـ«هيكل» وهو كنموذج للمثقف العلمانى، وينتقل «مورو» للتحدث عما سماه «نرجسية هيكل» قائلاً: النرجسية سمة أساسية من سمات المثقف العلمانى، «هيكل» ككل المثقفين العلمانيين مارس نرجسيته ولكن بشكل فج.
أما الكاتب الصحفى موسى صبرى فقد هاجم «هيكل» هجوماً شديداً فى مذكراته الخاصة التى حملت عنوان «50 عاماً فى قطار الصحافة»، إذ خصص فصلاً كاملاً للتحدث عن «هيكل» والهجوم عليه منحه عنوان «هيكل.. الظاهرة والأعماق» فكتب يقول: الرئيس أنور السادات كان يقول دائماً إن «عبدالناصر» هو الذى بنى محمد حسنين هيكل، وأنا أتفق معه تماماً.
بينما بدا «هيكل» متناقضاً مع نفسه فى عين الكاتب فؤاد زكريا، وظهر ذلك فى كتابه الشهير «كم عمر الغضب؟»، الذى عبر فيه عن التناقض الذى يجده فى كتابات «هيكل».
بدت الكتب التى كتبت عن «محمد حسنين هيكل» سواء كانت معه أو ضده فى عين الكاتب الصحفى والمؤرخ صلاح عيسى، أنها جزء من المعارك التى كانت تدور بينه وبين معاصريه، أو جزء من الانحياز إليه، وهى لا تعتبر تقييماً منصفاً للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بل تعتبر شهادات أى بمعنى أنها مادة أولية يمكن تغييرها، يجب أن نتناولها بحذر، وأن ندرسها قبل أن نصدقها أو نؤمن بها، قائلاً: «هيكل» كظاهرة معاصرة حتى الآن لن نسمع عنه تقييماً منصفاً، يشرح أكثر: «المعاصرة حجاب.. قد تدفع الكاتب إلى الانحياز والتحامل إلى الدفاع أو الهجوم».