تحركات إسرائيلية مقلقة شهدتها الساعات الماضية، قابلتها ردود فعل مصرية ضعيفة، أو قل غير مقنعة. منذ يومين خرج الوزير الإسرائيلى «أيوب قرا» بتتويتة خطيرة ذكر فيها أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيتبنيان فى اجتماعهما فى واشنطن (الأربعاء 15 فبراير) خطة الرئيس عبدالفتاح السيسى الخاصة بإقامة دولة فلسطينية فى سيناء وقطاع غزة. بعدها خرجت مصادر دبلوماسية، ونفت هذا الكلام ووصفته بالشائعات. وظنى أن هذا التحرك الإسرائيلى كان يستوجب رداً أقوى من ذلك.
ماذا تريد إسرائيل من مصر؟، ماذا تنوى الدولة العبرية لنا هذه الأيام؟!. تناولت بالأمس مسألة سحب السفير الإسرائيلى من مصر لدواع أمنية، ولم أشأ أن أقترب من التتويتة الغريبة للوزير الإسرائيلى حتى يتسنى التأكد من صحتها. والملفت أن هذه التتويتة ظهرت بالتزامن مع الكشف عن سحب السفير الإسرائيلى من مصر!، وأيضاً مع بدء زيارة «نتنياهو» إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ولعلك لم تنس بعد ما أعلنته إسرائيل منذ عدة أيام من أن قبتها الحديدية تمكنت من صد عدة قذائف صاروخية زعمت أنها أطلقت من سيناء!. وربما تابعت أيضاًَ عمليات التحضير والشد والجذب التى شهدتها الفترة الأخيرة بين كل من الولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية، وإيران من ناحية أخرى. قد يكون فى الربط ما بين هذه الأحداث نوع من الفائدة فى فهم ما يحدث.
مشروع توطين الفلسطينيين على جزء من أرض سيناء -بالإضافة إلى غزة- مشروع قديم تتبناه بعض الأصوات داخل إسرائيل منذ فترة طويلة، وفى واحد من التسريبات التى نشرتها الصحف لحوارات «مبارك» مع الجهاز الطبى المعالج له أثناء محاكمته فى قضية القرن، كشف أن «نتنياهو» -خلى بالك من نتنياهو- حدثه فى هذا الأمر، وقال «مبارك» إن رده عليه كان واضحاً، وذكر أنه أكد له أن طرح هذه الفكرة يمكن أن يؤدى إلى حرب بين مصر وإسرائيل. ولعلك تذكر أيضاً أن كلاماً كثيراً تردد فى هذا السياق خلال العام الذى حكم فيه الدكتور «محمد مرسى» مصر.
كلام ساذج.. ذلك أقل وصف يمكن أن ننعت به الثرثرة الإسرائيلية حول هذا الموضوع. ثمة ضمانات كثيرة على ذلك، أجد أن أخطرها ما يعلمه حكام إسرائيل -قبل غيرهم- من أن الشعب المصرى يمكن أن يتفاهم فى أى شىء، إلا موضوع «الأرض». كله كوم والأرض عند المصريين كوم ثان. إسرائيل تعلم الموقف الحاسم الذى وقفه المصريون من اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية. لقد عبر الشعب عن غضبه من العزم على نقل السيادة المصرية على جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة بأشكال متعددة، وحسم القضاء المصرى الأمر، وحكم ببطلان التوقيع على الاتفاقية، ولدينا دستور لا يمنح المسئول -أياً كان مقامه- حق التنازل عن أرض تقع ضمن الإقليم المصرى. إسرائيل وحكامها يذكرون أيضاً أن الشعب المصرى لم ينم على أرضه التى احتلتها فى 1967، واستطاع استردادها فى أحلك الظروف، وفى أجواء معاكسة، تمكن من تجاوزها والتغلب عليها حتى استرد أرضه وحررها من براثن الاحتلال الإسرائيلى. الشعب هو أكبر ضمانة، وثق بأن أعداء هذا الوطن يعملون لهذا الشعب ألف حساب!.