(لن أبيع نفسى لأى سبب من الأسباب، ولن أبيع استقلال القضاء.. ولن يعزل قاضٍ واحد على خلاف الدستور).. تلك هى تصريحات المستشار «حاتم بجاتو»، وزير الدولة لشئون المجالس النيابية.
إنه المستشار الجليل الذى صُمّمت مادة فى دستور الإخوان خصيصاً للإطاحة به وبالمستشارة «تهانى الجبالى» من منصبيهما كنائبين لرئيس المحكمة الدستورية العليا.. والذى كان اختياره وزيراً فى حكومة الإخوان صادماً ومؤلماً ومثيراً لكثير من علامات الاستفهام!
الآن يحدثنا المستشار «بجاتو» من موقع «ممثل الدولة»، مدافعاً عن حق مجلس الشورى فى مناقشة الاقتراح بقانون يسمى «السلطة القضائية»، وهو يعلم تماماً أن مجلس الشورى ليس به لجنة اقتراحات أصلاً، ولا يجوز تقديم قوانين إليه إلا من خلال الحكومة أو من رئيس الجمهورية!!
كما يعلم سيادة الوزير أن السلطة التشريعية انتقلت بـ«صفة استثنائية» إلى مجلس الشورى لإصدار القوانين العاجلة، وقانون السلطة القضائية ليس عاجلاً.. والمؤكد أنه اختبر بنفسه كيف أطيح به من موقعه السابق بمادة دستورية ليوقن أننا أمام مذبحة جديدة للقضاء لتصفية 3000 قاضٍ تنفيذاً لتعليمات المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين «مهدى عاكف».
المستشار «حاتم بجاتو» نفى ما تردد من كونه أحد الخلايا النائمة للإخوان المسلمين، وقال إنه قد (يقى البلاد إمكانية التعرض لهزة دستورية فى المستقبل).. ولا أدرى كيف سيفعل ذلك بعدما تعاون مع نظام أطاح رئيسه بالدستور، وأطلق علينا إعلانات دستورية باطلة.. والقاضى السابق أدرى ببطلانها، كما أنه أيضاً أحد الذين تعرضوا لحصار ميليشيات الجماعة للمحكمة الدستورية لتعطيلها عن أداء مهامها!!
لا أتصور أن المستشار «بجاتو» نفسه يصدق دفاعه عن رئيس الجمهورية، حين يؤكد أنه لم يمتنع عن تنفيذ أى حكم قضائى، فبماذا يسمى، إذن، الامتناع عن عودة المستشار «عبد المجيد محمود» النائب العام السابق إلى منصبه؟؟.. وما هو التكييف القانونى لعدم تقديم الدكتور «مرسى» لشهادته فى قضية فتح السجون وإخفاء أدلة وجوده داخل السجن أثناء الثورة؟؟
إذا كان سيادة الوزير مؤمناً إلى هذه الدرجة بمواقف رئيس الإخوان، لماذا لم يطالبه بدفع أنصاره لسحب مشروع القانون من مجلس الشورى، بعدما وعد على الملأ بعدم تمرير قانون يتعارض مع مطالب القضاة واستقلالهم؟
لقد خرج «بجاتو» من المحكمة الدستورية لصغر سنه حسب الدستور، والآن تعد الدولة -التى ينتمى إليها- قانوناً لاستبعاد القضاة ممن تخطوا الستين.. ألا يرى أى تناقض فى هذا؟
نحن -يا سيادة الوزير- لا تهمنا الاستقالة الجاهزة فى جيبك كما تقول، يهمنا فقط ألا يكون الشعب آخر من يعلم، وألا نكتشف بعد فوات الأوان أن الخلايا النائمة للإخوان متغلغلة فى العمود الفقرى للبلد.. لقد استقال من قبلك المستشار «مكى» ولم يبكِ عليه أحد، لا الشعب ولا الجماعة!
القضاة لن يقبلوا مناورة «مؤتمر العدالة» ولا الالتفاف على مطالبهم، والشعب لن يصمت على اغتيال القضاء، فهو حائط الصد الأخير.. وبحكم تاريخك الطويل فى القضاء كان لا بد أن تحذر الرئاسة من تدويل ملف القضاء! قد تخسر مصر كثيراً من اقتصادها فى حال تدويل القضية.. لكن خسارة الرجال دائماً أكثر وجعاً!!