فى مذكراته الأسبوعية بجريدة «الحرية والعدالة» دافع الأستاذ مهدى عاكف عن «النظام الخاص» للجماعة، وعلق على اغتيال الخازندار والنقراشى فى 1948 مبررا ذلك بأنها: «تصرفات! حصلت من شباب فى ظروف ضاغطة»، واعتبرها فيما بعد «قربة نتعبد بها إلى الله!!».
حلقة الثلاثاء 21 مايو/2013 كانت كافية لمعرفة الخلفيات والمنابع والجذور التى تحكم عاكف ومن حوله، إنها الجذور القطبية القائمة على تكفير المجتمع وتجهيله وفرزه والصدام معه.
يقول الأستاذ عاكف: «انضم إلينا آلاف ممن نشأت فى بعضهم بذور التكفير، وبداية اتجاههم له أنهم كانوا يمتثلون بفكر قطب، ويقولون إنه هو الذى يقول ذلك، والحقيقة أنهم لم يفهموا سيد قطب، وبالنسبة لكتاب «معالم فى الطريق» الذى اتهم به الشهيد سيد قطب فقد قرأناه قبل أن يصدر وبعد تداوله، حيث أرسله إلينا ولى أنا تحديدا يستشيرنى، فعدّلت بعض العبارات التى يمكن أن تحمل أكثر من وجه، فليس كل من سيقرأ الكتاب سيدرك الحدود الفاصلة بين تكفير الأفعال وتكفير الأشخاص، لكن البعض أقنعوا أنفسهم بما أرادوا، بعدما رأوا من الأفعال الشنيعة فى محاربة الإسلام وأهله، ولم يكن هناك متسع من الوقت ليرد هو عليهم لا سيما مع التضييق الشديد فى داخل السجن، والحق أن سيد قطب على خلق قويم وفهم دقيق، ولم يكفر الناس، وهذا ما أكده لى عمر التلمسانى بعدما قابله فى مستشفى طرة».
كلام عاكف هنا تكرار لكلام سابق له يقدس فيه تفسير «الظلال»، ذلك التفسير الذى امتلأ بتكفير المسلمين، وصار مرجعا ومعينا لا يمكن الزهد فيه لمن أراد تكفير المجتمع.
يقول السيد عاكف فى حديث لوكالة الأنباء اليابانية نشر فى 17/8/2004: «إن الشهيد قطب كان أديباً وعالماً فذا، ولم يكفر مسلماً، وله تفسير رائع، وأدبيات مبدعة، إذا قرأها مَن يمتلك فقهاً إسلاميًّا يزداد إيماناً وقوةً، وإذا قرأها مَن لا فقه له ولا علم يمكن أن يأولها تأويلاً خطأً؛ حيث قد يُخيل إليه أنها تُكفر الناس».
ومناقشة كلام عاكف فيما قاله من عدة مداخل، أُجملها هنا لضيق المساحة المتاحة من محرر الصفحة، وآتى عليها فى سلسلة المقالات القادمة:
1- بيان أن نصوص «المعالم» و«الظلال» صريحة فى تكفير المجتمع المسلم، وأنه بمنطق عاكف فإن علماء الأزهر والقرضاوى لا فقه لهم ولا علم.
2- فى كلامه أخطاء منهجية فى الكلام عن تكفير الأشخاص والأفعال، وخلطه بين أخلاق قطب وأفكاره، وخلطه بين كتاباته الأدبية الماتعة وكتاباته الفقهية التكفيرية، وانطلاقه من القناعات المسبقة التى تضع قطب بين التقديس أو التشهير.
3- بيان أن التكفير الذى أدى إلى التفجير فى سيناء وغيرها مصدره كتابات قطب التى مدحها عاكف.
4- اعترافه بأن «المعالم» حظى بمباركة الإخوان، ومع دفاع الإخوان عن قطب إلا أنهم يرفضون الوصف بالقطبية، ويزعمون التعلق بالبنا والتلمسانى رحمهما الله.