فى خطوة مفاجئة وبعد ساعات قليلة من مغادرة «مرسى» لإثيوبيا، قررت حكومتها البدء فى تحويل أحد أفرع نهر النيل والشروع رسمياً فى بناء سد النهضة، وقد بث التليفزيون الرسمى الإثيوبى مراسم هذا الحدث فى احتفال مهيب، أكد فيه المسئولون الإثيوبيون أنه سوف يظل محفوراً فى ذاكرة كل مواطن! والطريقة التى أخرج بها هذا المشهد منحت الكثيرين انطباعاً بأن هذا القرار تم فى ضوء تفاهمات بين المسئولين بإثيوبيا والرئيس مرسى، خلال زيارته لهذا البلد، تماماً مثلما حدث بعد زيارته للسودان، حين خرج بعض المسئولين هناك يتحدثون عن ضم مثلث حلايب وشلاتين إلى السودان، وخرج موقع الحرية والعدالة علينا بخريطة جديدة لمصر، تم حذف هذا المثلث منها.
وقد أراد من فسروا الموقف على هذا النحو ترك انطباع لدى الشعب بأن الرئيس «مرسى» متواطئ ضد هذا البلد، وأنه على استعداد للتنازل عن أجزاء من أرض مصر، والتسامح فى جزء من نصيبها فى مياه النيل، رغم حاجتنا الشديدة إلى الماء، مقابل الحصول على حفنة دولارات أو مجموعة من المساعدات من هنا أو هناك لحل المعضلة الأساسية التى تهدد نظام حكمه: معضلة الاقتصاد. قد يكون من الصحيح أن الرئيس متواطئ ضد مصر، لكننى أشك أن المغانم التى يحصدها نتيجة هذه الخروق التى يحدثها فى سفينة الوطن تدخل جيباً غير جيب الإخوان، وأنه فى النهاية يحقق رغبة إسرائيلية تدعم بناء سد النهضة فى إثيوبيا.
مسألة الاكتفاء بالتأكيد على أن الدكتور «مرسى» و«إخوانه» متواطئون ضد هذا البلد، لم تعد تكفى، بعد أن أصبحت مصر تبيع أرضها وعرضها قطعة قطعة على أيديهم، لا بد من الأخذ على يده وأيدى «جماعته» و«دلاديله» المنتشرين فى أماكن عدة، حتى نتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه. لقد كتبت قبل يومين محذراً من أن «مرسى» غير مهتم على وجه الإطلاق بموضوع سد النهضة، أو حماية الأمن القومى المصرى، بل ينصرف اهتمامه إلى حماية وضعه كرئيس وتأمين الكرسى الذى يجلس عليه، خصوصاً بعد أن ذاق عسيلته، وها هى الأحداث تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه كذلك، وأن البلاد أصبحت مهددة فى ظل حكمه بمخاطر شتى.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا؟ فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». لو تركنا مرسى وإخوانه فى الحكم أكثر من ذلك.. فسوف نهلك جميعاً.. تخلصوا منه قبل ما يخلّص عليكم!