مجلة الأزهر واحدة من أعرق المجلات التى اضطلعت بدور كبير فى تشكيل العقل المصرى والعربى، بما حوته من بحوث ومقالات ثرية، ويرأس تحريرها حالياً الدكتور حمدى زقزوق، ثم مجلس تحرير مكون من: الدكتور إبراهيم هدهد رئيس جامعة الأزهر السابق، والدكتور عبدالفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور عبدالمنعم فؤاد عميد كلية الوافدين، وكلاهما (العوارى وفؤاد) من أذرع مدير الشئون القانونية بالمشيخة، وشخص د. عبدالمنعم لا يعنينا، فالشخص له كامل الاحترام، لكننى أتناول فى هذا المقال والمقالات القادمة موقعه ومنهجه العلمى مقارنة بالأسلاف من رموز المجلة كمحمد فريد وجدى، فالدكتور عبدالمنعم يمثل اختراقاً للمشيخة، لأنه متقلب فى المنهج، أو بالأدق بلا منهج، فهو مرة سلفى يمتدح حزب النور، ومرة إخوانى يصف الإخوان برافعى لواء الشريعة، ويسب معارضيهم، ومرة أزهرى، ومرة يهاجم الإخوان، وأزهريته فيها لبس وتشوش، ولا يكاد واحد من تلامذته أو زملائه يمكنه تحديد موقفه من أركان المنهج الأزهرى: هل هو أشعرى؟ هل هو صوفى؟ هل هل؟ والحقيقة هو ليس شيئاً من هذا، وفى نفس الوقت هو مع كل هذا، وأيضاً هو ضد كل هذا.. إنها العقلية المتحيرة، ومع ذلك يضعونه عميداً للوافدين وعضواً فى مجلس تحرير المجلة العريقة!
إن هناك عبارة تلخص لنا عقلية هذا الرجل الموكل إليه بناء عقول الأزهريين، وذلك حين كتب على صفحته قديماً: «جماعة الإخوان وحزبها رافعين لواء الأخلاق والشريعة، وأنا أنصر دوماً من يقول إنه ينصر الشرع والحق»، إذن هو لا يملك معايير واضحة، وإنما ينصر من يقول إنه ينصر الشرع والحق، والإخوان والسلفيون والأزهريون والصوفيون يقولون إنهم ينصرون الشرع والحق، إذا هو مع الجميع!! ولذا تراه يخاطب المعزول محمد مرسى بما يخاطب به الإمام الأكبر، فقال مدافعاً عن عزله: «لمسنا فيه الحكمة لدرجة أن بعض الشرذمة يظن أن هذه الحكمة ضعف»، وقال عن الشيخ الطيب مؤيداً موقفه من عزله: «لمسنا فيه الحكمة لدرجة أن بعض الشرذمة يظن أن هذه الحكمة ضعف»، فـ«مرسى» حكيم لأنه تمسك بمنصبه، و«الطيب» حكيم لأنه شارك فى عزله من منصبه!
ومع أن رؤساء تحرير مجلة الأزهر السابقين كان موقفهم واضحاً من الأفكار السلفية والتحذير منها، إلا أن د. عبدالمنعم كتب منشوراً سابقاً يمتدح موقف السلفيين من قضايا «الدين والوطن والهوية»، مع أن كبار علماء الأزهر ورموز مجلة الأزهر دائماً ما يحذرون الشباب من موقف التيارات السلفية خاصة فى قضايا «الدين والوطن والهوية»، والإمام الأكبر نفسه له فهم «للدين والوطن والهوية» مناقض تماماً لفهم السلفيين من هذه القضايا، ومع ذلك فالدكتور عبدالمنعم فؤاد يؤيد الإمام الأكبر فى رأيه، إذاً هو يؤيد الشىء ونقيضه، ولا أظن أن هذا نفاق منه، بل لعله مخلص فيما يقول، لكنها المنهجية حين تغيب عن الشخص تكون هذه رؤيته وتقلباته وتحولاته، وهذه العقلية لا يمكن أن نعزلها عن تلك الجملة الخطيرة التى وضعتها مجلة الأزهر فى صفحتها الأولى فى عددها الأخير حين جعلت من شروط النشر بالمجلة: «أن يلتزم الكاتب بمنهج الأزهر الذى يتمثل فى الوسطية والاعتدال ورعاية التراث والاهتمام بالواقع المعاصر»، وهذا شرط مائع ملتبس، فمنهج الأزهر يتمثل فى أشعرية العقيدة، ومذهبية الفقه، وخلق التصوف، وما عدا ذلك من الوسطية والاعتدال هو نتيجة المنهج وليس المنهج نفسه، وإلا فالسلفيون والإخوان يرون أن منهجهم وسطى معتدل يراعى التراث، ومع ذلك يرفضون المنهج الأزهرى، أرأيتم كم التشوش الحادث فى مجلة الأزهر على يد الدكتور عبدالمنعم فؤاد عضو مجلس التحرير؟ وللحديث بقية.