إيه اللى جاب القلعة جنب المرشد؟
ليس أسوأ من «المماليك» فى حكم مصر إلا «جماعة الإخوان»، وليس أقرب إلى «قلعة محمد على» من «المقطم»، ولسنا أحوج إلى أن يعيد التاريخ نفسه مثلما نحن الآن. والتاريخ يقول مع الأسف إن من المماليك أمراء وولاة وقادة.. كانوا أخوف على مصر وأكثر اعتزازاً بـ«مصريتهم» من جماعة الإخوان.
هذا الحلم يخايلنى كلما مررت فى شارع «صلاح سالم»، الأشرس بين ضباط ثورة يوليو: أرى فيما يرى العابرون فى كلام عابر أن فيلقاً من ضباط مصر الأحرار يقتحم مكتب إرشاد الجماعة فى ساعة متأخرة من الليل ويعتقل مائة (يكفى مائة.. ليعود القطيع إلى حظائره!) من كبار قادة «الجماعة» وصانعى قرارها، وذلك أثناء اجتماع مغلق لبحث مسألة ردم «النيل»، وتحويله إلى ماسورة صرف صحى لدول الحوض، أو نفق لتسهيل عبور يهود إثيوبيا إلى إسرائيل... هذا الحلم يراودنى: «مذبحة قلعة».
ألا تستحق مصر -التى هى «هبة النيل»- حلماً كهذا؟
أرجوك: ثِق فى «نظرية المؤامرة»، ومد الخط على استقامته وانفعل كما ينبغى. اغضب كما ينبغى. ناضل كما ينبغى. «ارفع غماك يا تور وارفض تلف -كما قال صلاح جاهين- واكسر تروس الساقية واشتم وتِف». حرّض جارك وزميلك وصديقك والبنت التى تحبها: «انزلوا فى 30 يونيو.. فقد تكون الأخيرة». لا تكن مهذباً أو موضوعياً وبلدك يباع أمام عينيك.. على الهواء مباشرة. لا تثق فى «ديمقراطية» بعد اليوم، فالديمقراطية هى التى أجلستك على خازوق الإخوان، وقد تكلفك نفسك وبلدك. الديمقراطية أصبحت -أو هى كذلك- «ركوبة» الطاغية و«أكل عيش» المترفين الذين لم ولن يقفوا يوماً فى طابور، ولن يمشوا على أقدامهم، ولن يبيعوا أو يشتروا إلا بالدولار. لا تستمع إلى «نخبة»، فكل النخب «نباتات ظل»، ولا يرهبك قولها إن الرغيف يبدأ من الديمقراطية، فالرغيف يبدأ من حبة القمح، ولا تصدق أحداً من رموزها، فهم ليسوا رموزك، بل «زراير» فى جاكتة الحكم. اقرأ مقالاً أو رواية لـ«علاء الأسوانى» ونافقه كما شئت. اقرأ كتاباً أو شاهد فيلماً لـ«بلال فضل» واضحك كما شئت. اسمع «حمدى قنديل» وهو يزغزغ نخوتك بصوته المتلفز الفخيم ومصمص كما شئت. اسرح بـ«صرة» هدومك وراء جبهة الإنقاذ واحلم كما شئت. وعندما تأتى ساعة قدرك.. أغمض عينيك و«استبيع»، وقل لكل هؤلاء وغيرهم ممن يقفون بينك وبين عدوك: «غوروا فى ستين داهية. اشبعوا بما أخذتم واتركوا لى ما بقى من مصر». صدقنى: لا أنا ولا هؤلاء المترفون سننفعك وأنت تموت عطشاً. نحن سنشرب مياهاً معدنية، وسنستحم بمياه معدنية، وسنطبخ طعامنا بمياه معدنية. لا إخوان ولا معارضة ولا نخبة ستنفعك، وقد رأيت بعينيك فصلاً محبوكاً من المؤامرة: الإخوان -رئيساً وجماعة- يقامرون ببلدك. يستعدون عليه محيطه الإقليمى -شرقاً وجنوباً- لتختنق. يهدمون عمارة من سبعة آلاف طابق، يستقر على سطحها عرش الله، ليقيموا على أنقاضها غرفتين وصالة.. حيث تتكئ اللحى على الكروش، ويترجرج لحم الجوارى تحت النقاب وفوقه. لا تكتفِ بسخرية، ولا تبعثر شحنة غضبك فى الـ«فيس بوك». لا تشعر بالعار والفضيحة ثم تبلع سكينك فى بطنك وتسكت. لا تقل إن «النهضة» كانت نائمة وتكتفى بأن تلعن من رفعها «سداً»، ولا تصدق أن ما جرى فى «مهزلة سد النهضة» كان مؤامرة لـ«حرق» المعارضة وفضح السلفيين.. هذه مؤامرة لحرق البلد والقضاء على ما بقى من «فكرة الدولة» فى مصر. هذه مؤامرة دنيئة، فليس بعد النيل «أمن قومى»، ولك أن تتخيل «مصر بلا نيل»: أنت فى الأساس لن تكون حياً لتتخيل!.
اذهب إليهم فى «30 يونيو»، فى كل الأماكن التى يستقوون عليك بها. افعل ما شئت. «افعل»، ولا تكتفِ بالهتاف والتراشق والكر والفر. هؤلاء ليسوا «مبارك»: أتخمته شهوة الحكم حتى لم يعد يسمع أو يرى، فسقط كتفاحةٍ فاسدة فى أقل من ثلاثة أسابيع. هؤلاء كـ«القراد» لا يخرجون إلا بالدم، فانزف دماً حراً، ساخناً، يشوى سحنهم القبيحة ويهرى جلدهم التخين يوم قيامتك. لا تدعهم يفلتون منك... فإما أنت وإما هم!. لاحقهم من شارع إلى عطفة، ومن جحر إلى شق، ومن خُص إلى قصر، ومن ميضة إلى كنيف.. «اتغدى» بهم قبل أن يتعشوا بك، وصدقنى: لو أفلتوا منك هذه المرة... فعليك وعلى مصر السلام!.