خاب ظنه وضل سعيه إذا تصور أن شباب الإخوان، أو ولاد أبوإسماعيل، أو دقون الجماعات الإسلامية قادرة على حمايته من هذا الشعب الذى قرر أن ينحيه وجماعته عن الحكم، بعد أن فشلوا فى إدارة البلاد، وعبثوا بحياة المصريين، فزادوا مشاكلهم تعقيداً، وخانوا مطالب الثورة التى ورثوها دون أن يكون لهم فضل فيها، سوى الركوب! وفارق شاسع بين المشاركة والركوب. إذا كان الدكتور «مرسى» يبنى حساباته على أن شباب «المتأسلمين» سوف يشكلون حصوناً تحميه من غضبة الشعب، فقد ضل والله ضلالاً مبيناً.
هذا الشباب الذى يجلس معك يا سيد «مرسى» يشنف آذانك وآذان إخوانك بعبارات يؤكدون فيها أنهم سوف يفتدونك بأرواحهم، وسوف يبذلون الغالى والنفيس، من أجل الدفاع عن استمرارك على كرسى الرئاسة، ربما كان يطربك هتافهم: «حرية عدالة.. مرسى وراه رجالة»! أنا واثق أن هذا الكلام يتردد أمامك، لكن تعال أشرح لك كيف يفكر هذا الشباب. أصحاب الدقون يا «مرسى» يرون بالطبع أن وجودك هو أفضل حماية لهم، وخير وسيلة لإنفاذ مصالحهم، وتحقيق مآربهم فى مصر. كل هذا صحيح ولا يختلف عليه عاقل، لكن ما لا تستوعبه هو أن هذا الشباب ليس بصاحب قضية أو مؤمناً بمبدأ. فكيف نتصور أن يكون صاحب مبدأ أو قضية من يسهل عليه الكذب، والمراوغة، وخيانة العهود والوعود، واستحلال الآخر، والتجارة بالدين؟ إنه باحث عن مصلحة ليس إلا! ومن السهل جداً على شاب يعلى مصالحه المرتبطة بجماعة ينتمى إليها على أى قضية أو قيمة أو مبدأ أن يتخلى عنك سريعاً فى اللحظة التى يدرك فيها أن الجماعة تنهار.
دعونا نضرب مثلاً على ذلك بالشاب «أحمد المغير» الذى أخذ يحشد ويعبئ إخوانه ودلاديل إخوانه يوم الثلاثاء الماضى، للانقضاض على اعتصام وزارة الثقافة وفضه بالقوة، ثم ذهب إلى هناك، فإذا بالشباب المشارك فى الاعتصام والداعم له يدخل معه ورفاقه فى عركة حامية الوطيس، انتهت ببهدلة «المغير» على كل لون، بدءاً من شج رأسه، ومروراً بمرمطته، وانتهاءً بضربه بالأحذية على أم رأسه. أنا من ناحيتى لا أرضى -بالطبع- عما أصاب «المغير»، لكن اللوم لا يقع على من ضربوه، بل على من أخرجوه، من أكابر وقيادات الجماعة.
هل تتصور أن «المغير» يؤمن بمبدأ أو قضية، أشك، فلو كان كذلك لكنا سمعنا له صوتاً قبل ثورة يناير، وقبل ركوب الإخوان لها، إنه مجرد جزء من قطيع يعلم أن مصلحته معه ليس أكثر، وفى اللحظة التى سوف يجد فيها هذا القطيع يوشك على التشتت والتشرذم سوف يهرول لـ«ينفد» بنفسه، ليثغو أو ينونو أو يهوهو من بعيد، ويترك «مرسى» لأقداره.. سوف يتركك قطيع الشباب يا «مرسى» وقت الجد، بل وسوف تبيعك جماعتك نفسها، ستبيعك لأن قلوبها معك وسيوفها عليك.. الحق نفسك يا مسكين!