العامل المصرى فى عيده روحى من الشقا بتعرج
العامل المصرى
يهل الأول من مايو سنوياً، حاملاً معه ذكريات عطرة، هنا كان مصنع يعج بالعمال.. هنا كان عامل يرى فى الأفارول الأزرق شرفه وقيمته.. وهنا كانت دولة لا ترفع شعاراً سوى العمل.. يتسلل صوت الرائعة «شريفة فاضل»، وهى وهى تشدو بأغنية «ياحلاوة الإيد الشغالة»، التى كتبت كلماتها بعناية فائقة لتحيّى بها أناساً لم يجدوا على مر العصور أحن من ماكينات المصانع عليهم، ليختلط على السامع «أكانت تحيّى الإيد الشغالة، أم المكن اللى بيقول أحلى قوالة»، ظلت الأغنية علامة على قدوم الاحتفال، وظلت العلاوة دليلاً على تقدير الدولة لحاملى لقب عامل، قبل أن يخفت كل هذا إلى جوار هتافات اندلعت لتشعل ثورات، انسحبت شريفة فاضل بمأثورتها، وحل محلها غناء آخر، حمل بؤساً وعنفاً ووجعاً «اشهد اشهد يا زمان.. العامل بيبات جعان».
«الشقيانين، التعبانين، الجعانين».. بعضٌ مِن كل يقال على العمال، مقروناً بتقارير ترصد احتجاجاتهم السنوية، دون أن ترصد التقارير نفسها ما حل بالعمال من تدمير، سواء بهجرتهم للمصانع لصالح مهن أكثر ربحاً، أو بتطور الصناعة واستغنائها فى أحيان كثيرة عن العمالة، أو فى ندرة العمالة المدربة من الأساس، أو فى هجرة أصحاب المصانع للصناعة بفعل ظرف اقتصادى أو سياسى.
سنوات طويلة والأوضاع كما هى، تقريباً لا فوارق تذكر بين مطالب العمال عام 1996 كمثال، وبين مطالبهم فى 2011، أو مطالبهم فى 2015، كلها تتلخص فى تحسين الأوضاع المادية واهتمام الدولة بالعمال، وترجمة هذا الاهتمام فى صورة مزايا، لكن ثمة مطالب جديدة بدأت تظهر فى الأفق من العام الماضى -مع عودة الدولة للصناعة واهتمامها بمشروعات البنية التحتية- إنها الرغبة فى تشغيل المصانع المتوقفة، والرغبة فى عودة العمال للمصانع، بل الرغبة فى إعادة إحياء اللقب والمهنة الجليلة «ارفع راسك فوق.. إنت عامل».
الآن، ونحن نستمع إلى صوتها وهى تشدو «يا حلاوة الإيد الشغالة»، هل يليق بنا أن نترحم على «زمن الهمة»؟