أستميح الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى عذراً أنى اخترت عنوان ديوانه الأشهر، ليكون عنواناً لمقالتى.
الدكتور أحمد الشعراوى، محافظ الدقهلية، فاجأ الجميع عندما وصل إلى مكتبه قبل ساعتين، ثم علم أن قطاراً يحمل بضاعة قد خرج عن القضبان فى مركز شربين، فهرع من فوره للاطمئنان على سير القطارات، وعمل اللازم، وإعادة الهدوء إلى الناس الذين تجمهروا عند المزلقان.. ثم قام لاحقاً بعدد من الزيارات المفاجئة لمستشفيات المراكز، واهتم منذ اللحظة الأولى لقدومه بالقرى والكفور والنجوع.. وسار على السيرة الطيبة نفسها التى وضعها المحافظ السابق سمير سلام، وهى أن الدقهلية ليست فقط مدينة المنصورة!
لفت انتباهى أن أعداداً كبيرة من العلميين (خريجى كلية العلوم) تربطهم صلة قوية بالنقيب الدكتور عوض إبراهيم، الذى كان أستاذاً لهم جميعاً فى الكلية، بالإضافة إلى سكرتير النقابة الدكتور الشاب أحمد عبية، ولاحظت أن اهتمام الجميع هو إضافة أى شىء جميل إلى محافظة الدقهلية، فهم على استعداد للعمل فى المشاريع العلمية، جنباً إلى جنب مع المهندسين.. ويطالب النقيب الدكتور عوض بأن يكون لهم مكان فى الثورة العلمية الموجودة حالياً بعد ثورة 30 يونيو، كما يطالب بضم مساحة مجاورة للنقابة مليئة بالحشائش والغاب، ويستغلها الأشقياء مكاناً للمخدرات والأوبئة. النقابة لا تريد أموالاً، وإنما نظرة عملية وعلمية لأعضائها ومطالبهم المشروعة، وهى أن يكون لخريجى كليات العلوم دور فى تثوير التنمية المستدامة.. فمصر تحتاج إلى كل جهد.. وهم يحبون بلادهم!
قرية السواقين التى ينتهى بها خط كفر الأطرش والعيادية لم يزرها أحد المسئولين قط، وسكانها من أفقر سكان مصر، وليس بها دور حكومية، اللهم إلا فصلين يشكلان مدرسة ابتدائية!
زارها مؤخراً النائب إيهاب السلاب، ليتعرف على مشكلات هذه القرية، وهى كثيرة.. القرية وكأنها تعيش خارج التاريخ، فالفقر فيها هو سيد الموقف.. إذا سرت فيها اندهشت أن قرية تعيش هكذا منذ ثورة 52.. ثورة عبدالناصر والضباط الأحرار.. لا يعرف سكانها أى شىء من مظاهر المدنية الحديثة، عندما يفكر النائب السلاب أن يزورها.. كان حدثاً تاريخياً للسكان الذين التفوا حوله وأحاطوه بمشكلاتهم التى لا حصر لها.
سجل النائب معظم هذه المشكلات، وعاد إلى شربين ليجد أن مشروعها القومى وهو كورنيش النيل بدأ العمل فيه على قدم وساق.. فشربين هى البلد الوحيد الذى كان يعطى ظهره للنيل.. ولولا صحوة من أبنائها، فعاد النشاط إلى هذا المكان الذى اعتبره «السلاب» مشروعاً قومياً يعود بالنفع على كل أهالى شربين، فضرب بذلك المثال فى أن الاهتمام بالمشاريع القومية فى المراكز هو حجر الزاوية فى عمل أى نائب. استقبلت شربين سيدة بألف رجل لتشغل لأول مرة رئيساً لمجلس المدينة!! فالتعاون معها من الأعضاء ومن الأهالى فاق الوصف.. فالمرأة فى هذه القرية تتساوى بالرجل، ولا تقل عنه فى شىء. وكان المتوقع أن يستخفوا بقدراتها وطموحاتها، لكن أن ينسى الجميع أنها سيدة مهندسة واسمها عطيات محمود.. وأن يتعاون الكثيرون لتكون شربين وقراها فى مقدمة محافظة الدقهلية، ويقدم لها المحافظ د. أحمد الشعراوى كل العون ويدفعها للعمل الدؤوب.
تعاون شباب شربين واشتروا بوابة إلكترونية وقدّموها لراعى الكنيسة، والتفوا حوله بمناسبة الأعياد المسيحية.
ونشكر بامتنان شديد الدكتور أحمد عبية والدكتور الصيدلى محمد الدنف على هذه اللحمة الإنسانية الطيبة التى ركزوا فيها على الوحدة الوطنية فى مدينة شربين، ووقفوا إلى جوارهم فى هذا المصاب الأليم، فخفف عنهم جميعاً ونسوا جراحهم، وهو مثل يحتذى فى كل أنحاء مصر.
الشىء الذى لا يمكن أن أنساه هو بنك الدواء الذى يشرف عليه ممدوح الرحناوى وزميله المحامى هشام بكر، ويُصرف الدواء لكل المحتاجين مجاناً، وهم يفكرون الآن ونحن على مقربة من شهر رمضان فى إقامة بنك للطعام يستفيد منه الكثيرون.
شربين أصبحت مثلاً يُحتذى فى التراحم الإنسانى، مما يجعلها فخراً للكثيرين.