سؤال مباشر: هل الإسلام هو المسئول عن الإرهاب؟ وهل للأزهر الشريف دورٌ فى ذلك؟!
إنه السؤال نفسه الذى يطرحه البعض حول دور الكنيسة فى أوروبا أيام عصور الاضمحلال السياسى والانحدار الثقافى والتراجع الدينى.
بدايةً، أرفض الإجابة عن هذا السؤال من منطلق «تجاوزات» المسيحية أو الحضارة الأوروبية أو الاستعمار الغربى لبلادنا قبل ذلك؛ لما يحمله هذا الدفاع من تبرير أكثر من إدانة للجرائم الإرهابية، كى لا يتحمل دين وحده وصمة الإرهاب.. وذلك مع ملاحظة أن المقارنة هنا غير متكافئة، فحروب العرب والفرنجة تمت من خلال جيوش الدول، وفى إطار اعتداءات متبادلة، فكل طرف كانت لديه طموحات سياسية وأطماع فى التوسع، وهكذا فإن التوسعات لم تتم من خلال مرتزقة «داعش» وأتباعه.
لسنا بهذا الضعف لنبرر وندافع عن الإرهاب باستدعاء الحديث عن حروب الفرنجة، بوصفها حروباً صليبية، وبالخلط بين الأطماع السياسية الحضارية للإمبراطوريات قديماً، والدول العظمى حديثاً ودورها فى إشعال الحروب.. رداً على نقد غيرنا لنا.
المسيحية كعقيدة والإسلام كدين ليس لهما علاقة بالإرهاب والتطرف.. ولا يمكن حصر الإرهاب بدين محدد أو ربطه به، ولكن لا يمكن أن نغفل من يستغل بعض الكتابات فى تبرير الجرائم الإرهابية، خاصة إذا كان يتم تدريس هذه الكتابات أو الفتاوى فى منابر دينية رسمية.
لا يوجد عاقل يربط بين داعش والإسلام سوى أصحاب التوجهات المستترة.
وأعتقد أنه بدلاً من التبرير المستمر للإرهاب لا بد من إدانته مرتكزين على تلك الجرائم الإرهابية الشنيعة التى يمارسها تنظيم داعش وأشباهه بدموية لا مثيل لها.
مرة ثانية، الدين لن يهتز من تابع متطرف هنا أو إرهابى هناك؛ فالدين أكبر من الأشخاص سواء من المنتمين له أو غيرهم، كما أن الدين أكبر من أى مؤسسة بما فيها المؤسسات الدينية نفسها.. فبقاؤه وخلوده مرتكز على قِيَمه الإنسانية فى نشر السلام والتسامح والعدل والمساواة.
لا أحد يمكن أن يتهم الأزهر الشريف بالتطرف أو الإرهاب. ولكن الاتهام موجه لبعض الكتابات التى تستغل الأزهر كمنبر تعليمى «خاصة من خلال جامعة الأزهر» فى نشر بعض الأفكار المتناقضة مع صحيح الدين الإسلامى الوسطى المصرى الذى يقف على النقيض من الأفكار الصحراوية المتطرفة. كما أن العتاب على د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يأتى من منطلق الطموح المستند إلى شخصه كعالم وفقيه فى عودة الجامع الأزهر كمنارة عالم «السُنَّة» على مستوى العالم من جهة، وفى مواجهة التحديات لإضعاف الأزهر الشريف لصالح مراكز دينية لدول مجاورة من جهة أخرى.
والسؤال الحقيقى: لماذا لا نستفيد من تجربة أوروبا فى الفصل بين الدين والسياسة لكى لا يوظف أحدهما الآخر ويستخدمه.
نقطة ومن أول السطر:
إذا قامت طائفة من المؤمنين باختطاف بعض النصوص الدينية وأوَّلتها تأويلاً فاسداً، ثم راحت تسفك الدماء وتقتل الأبرياء وتروِّع الآمنين.. هل نطلق على المنتمين لها مصطلح «المؤمنين» من الأصل.. رغم انحرافهم عن صحيح الدين وثوابته القيمية والإنسانية؟!