قالت السفيرة الأمريكية فى القاهرة، آن باترسون، إن الرئيس محمد مرسى يختلف عن سلفه حسنى مبارك، ولا تصح المقارنة بينهما، مشيرة إلى أن «مرسى» رئيس منتخب، وأن «مبارك» كان فى السلطة 30 عاماً انتهت بخلعه، فيما لم يكمل «مرسى» عامه الأول. انتهى كلام «الست»، وهو كلام يطمئن للإخوان، فى الوقت الذى يثير فيه قلق القوى الثورية والمعارضة التى انتوت النزول للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة يوم 30 يونيو الجارى.
اطمئنان الإخوان بكلام «الست آن» جهل، وقلق القوى الثورية من هذا التصريح فى غير محله. فكلام السفيرة الأمريكية له هدف واحد يتمثل فى إغراء الإخوان بالمزيد من التحرش بالشعب المصرى، ومواصلة نغمة التهديد والوعيد بقتل وسفك ودماء من يعارضهم، ورش من يقذف «مرسى» بـ«الميّه» بـ«الدم» (كما ردد هذا الصفوت حجازى)، اعتماداً على الحماية الأمريكية، وهو شرك واضح تجيد سفيرات الولايات المتحدة -على وجه الخصوص- نصبه للرؤساء العرب، وقد سبق وقامت السفيرة الأمريكية فى العراق أيام صدام حسين بنصب شرك شبيه، حين أغرت «صدّام» بغزو الكويت، وبعدها بساعات بدأت تحشد قواتها وقوات الدول الأخرى التى تحالفت معها، ليجدها تقف فوق رأسه -بعد ذلك- فى بغداد.
الإخوان -وربما القوى الثورية أيضاً- لا تستوعب أن الولايات المتحدة لا تمنحهم شيئاً أكثر من «التطرية عليهم بكلمتين» من أجل تشجيعهم على المزيد من السفه، أمريكا تبيع الوهم لـ«مرسى» وجماعته فى «أزايز»، وسوف تلقى بهم على أقرب رصيف حال نزول الناس إلى الشوارع. هكذا فعلت مع «المخلوع»، وكذلك فعلت -من قبل- مع شاه إيران «محمد رضا بهلوى» الذى رفضت استقباله على أراضيها حتى لا تغضب الثائرين فى إيران عام 1979. من السذاجة أن تتصور القوى الثورية أن أمريكا تحن «حنية حقيقية» على «مرسى» وجماعته. هذا غير حقيقى بالمرة، لأن «حنية بلا عطاء.. لا دوت ولا جابت» (المثل بتصرف!).
لو كانت الإدارة الأمريكية تريد استمرار «مرسى» فى الحكم لساهمت فى تسهيل مسألة حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى (قرض الـ4.8 مليار دولار) الذى يتشوق إليه النظام الإخوانى لتقديمه كشهادة ضمان، تشجع المستثمرين على ضخ أموالهم فى مصر، ولو كان «أوباما» راضياً عن «مرسى» لاستقبله فى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل دعمه سياسياً، لو كانت الإدارة الأمريكية تريد دعم «مرسى» لأعطت الإشارة لدول الخليج بتقديم العون لمصر، حتى تستطيع أن تخرج من دائرة الإفلاس الاقتصادى التى يمكن القول بضمير مستريح إننا دخلناها فعلاً. الغنيوة التى جلجلت بها «الست آن» فى مدح «مرسى» هى كل ما تملك الولايات المتحدة الأمريكية تقديمه للجماعة، نظير انبطاحها أمامها، فليستمتع الإخوان بالاستماع إليها خلال الأيام القليلة المقبلة، قبل أن يدهمهم لحن بداية النهاية فى 30 يونيو!.