- حينما تستمع لكلمات الرئيس السيسى أنه كلما جاء بوزير «يغطس فى الوزارة ولا يظهر مجدداً» -وفق حديثه فى مؤتمر الشباب- فى إشارة لعدم نجاح الوزراء فى تحقيق الأهداف؛ تدرك أن العبارة تشير لحقيقتين، أولاهما عدم وضوح القواعد التى يتم وفقها الاختيار، سواء فيما يتعلق بسمات الوزير والأهداف التى عليه إنجازها وخبراته السابقة فى المجال وقدراته القيادية فى ظل جهاز إدارى مهترئ يحكمه كهنة وزارات اعتادوا السيطرة على التفاصيل وتوديع الوزير القديم واستقبال الجديد، وغياب منظومة عمل قادرة على التحديث. والثانية اهتراء قاعدة الاختيار وسيطرة أهل الثقة والعشرة الطويلة عليها لا أهل الخبرة فى غالبيتها من جانب، وآفات باتت جزءاً من الشخصية المصرية ونخبتها من جانب آخر. نعم لدينا أزمة اختيار مسئولين يتحمل جزءاً منها الرئيس والمعاونون له، بينما الجزء الأكبر يؤكد حاجتنا لثورة تعليم.
- وحينما تنظر لمواقع التواصل الاجتماعى التى باتت تحت سيطرة لجان إلكترونية من كل صوب وحدب شعبى غاب عنها هدف النقد ومعناه وأسلوبه بين سب ولعن لكل من يخالف الرأى ويخرج عن النسق حتى لو كان فى إطار الرغبة فى التبصير، وبين تمجيد بكلمات ونشر وإعجاب لمنشورات اختفت منها المعلومة والحقيقة فى غياهب جبّ الانفعال، فى تقليد أعمى لأبواق إعلامية قميئة -مؤيدة ومعارضة- خلقت على مدار سنوات مضت مسوخاً وتشوهات مجتمعية تحت دعاوى الحرية أو الوطنية؛ تدرك ما أصابنا من انفلات فى المجتمع حينما غاب النقد بهدف التصحيح وبات من أجل التشويه والمصلحة وحينما رُفض النقد القائم على معلومات وبيانات.. واعلم أننا نحتاج لثورة تعليم.
- وحينما ترى حمدين صباحى وهشام جنينة فى مؤتمر يتحدثون فيه عن التغيير الذى يسعون له لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير ودمج حزب الكرامة فى التيار الشعبى تحت اسم تيار الكرامة ليكون «تنظيماً للثورة ومهمتها لتغيير نظام السيسى الذى بات خطراً على الدولة»! وتستمع فى ذات الوقت لرؤية «أبوالفتوح» عن الانتخابات والحرية بينما تنظيمه الإخوانى يواصل هدم الدولة والتآمر ضدها، وترى من يتحدث هنا أو هناك عن رئيس «توافقى» (ياااااااااه رحم الله أيام 2011-2012)، وترى إعلاماً يجيد فنون المهرجين يحدثك عن أن وجودهم بهذا الشكل يمثل الديمقراطية!؟ حينما ترى كل هذا فعليك أن تدرك أننا فى أزمة من يدعون انتماءهم للنخب أياً كان انتماؤهم وإصرارهم على العيش فى الماضى دون قدرة على إدراك الواقع أو رسم المستقبل، فهم لا يعيشون فى دوائر مصالحهم الضيقة التى لا تمانع ارتباطاً بين فساد أو إرهاب أو خيانة وحسب، ولكنهم منفصلون عن الواقع أيضاً، يحدثون أنفسهم لا الناس ويرون صورهم لا صورة الوطن، ويظنون قدرة فى خداع جديد لمن صدقوا يوماً قدرتهم على «الإنقاذ»، وتيقن أننا بحاجة لثورة جديدة.. ثورة تعليم.
نعم يا سادة، نحتاج لثورة تعليمية ناهضة تضع فى رؤيتها ملامح الشخصية المصرية وسلوكها وقيمها الخلقية والإنتاجية والنقدية. نحتاج ثورة تعليم تطلق طاقات الإبداع الناقد الساعى للتغير الجاد المستند على حقائق أين نقف وإلى أين نريد الذهاب وبأى وسيلة. نحتاج لثورة تعليم تعيد لنا قوتنا الناعمة القادرة على النهوض ببلادى وحمايتها. نحتاج ثورة تعليم يقودها عقل الدولة الراسم لسياسات حماية القيم والخلق والسلوك المجتمعى ليتم تطبيقها فى العمل والدراسة والإعلام والشارع والبيت والمسجد والكنيسة وقصر الثقافة. نحتاج لثورة تعليم تعيد لنا «المواطن مصرى».