السيد الفريق أول «عبد الفتاح السيسى»، وزير الدفاع عن مصر، والقائد الأعلى للجيش الوحيد المتبقى فى المنطقة.. تحية إعزاز وتقدير.
قرأنا وسمعنا تصريحاتكم الأخيرة. لقد أثلجت صدورنا، وأكدت لنا جميعاً أننا لن نكون وحدنا فى معركة «تحرير مصر» من هؤلاء السفاحين، القتلة، المتاجرين بالدين. اطمأنت قلوبنا إلى إعلان انحيازكم للشعب وخوفكم على مصر من الانزلاق إلى حرب أهلية.. لن يكون فيها غالب ومغلوب، ولن يبقى لمصر بعدها شعب أو جيش. هذا دأبكم، وتلك عقيدتكم القتالية يا سيادة القائد، ونحن واثقون من أنكم الغالبون بإذن الله. فالجيش الذى حرر مصر من احتلال سبعين عاماً فى 1952.. الجيش الذى انتكس فى 67 ورد الصاع صاعين فى 73.. الجيش الذى لم يفقد لياقته القتالية ولم يخفت حسه الوطنى رغم «سلام السادات» الذى دخل عقده الرابع.. الجيش الذى أبى أن يرضخ لمشروع «التوريث»، وأبى أن يتورط فى مواجهة مع المصريين حين انتفضوا فى 25 يناير 2011.. هذا الجيش لن يستعصى عليه تحرير مصر من استعمار دينى بغيض أتمّ بالكاد سنته الأولى.
نحن نعرف أن ردع الإخوان وإسكات كلابهم التى لم يسلم من نباحها أحد -بما فى ذلك أنتم- لن يكلفكم أكثر من تحريك بضع دبابات وطائرتين وفيلق صاعقة، لكن هذه الجماعة الماسونية وبلطجية الدين الذين ترعاهم وتستخدمهم فزاعة لشعب مصر.. أتفه وأقذر من أن تلوثوا كبرياءكم وسجلكم المشرف بالدخول معها فى مواجهة.. وتلك هى المشكلة.
مصر لم يعد لديها -بعد الله- سواكم، والشارع المصرى يحتمى فيكم ويستنجد بكم ويتوسل إليكم أن «تحكموه». الشارع -مخصوماً منه نخبته البائسة، الغارقة فى عسل الديمقراطية حتى أذنيها- يأسف لكم، ويبشركم بأن «30 يونيو» سيكون معركة حياة أو موت.. لنا ولأعدائنا أيضاً، ويمد يده المغلولة إليكم، فلا تخذلوه يا سيادة القائد. الشارع ليس معنياً بحساباتكم السياسية -ولكم فيها كل العذر- ولا بما إذا كان الأمريكيون يرون فى تدخلكم انقلاباً عسكرياً أو انتصاراً لشرعية الشعب. الشارع لا يلتفت الآن إلى موقف الأمريكيين بعد «خلوة الشاطر وآن باترسون» المريبة، ويذكّركم بأن ما خسرته السياسة فى 67 بسبب كبرياء عبدالناصر الوطنى وعناده معهم.. استعاده الجيش فى 73 رغم أنف الأمريكيين أنفسهم. الشارع لا يطالبكم بأكثر مما يراه حقاً عليكم: أن تحموه من عدو الداخل مثلما حميتموه من أعداء الخارج.. أن تعيدوا إلى مصر هيبتها وانضباطها وتماسكها.. أن تقيموا قيامتها بعد أن أهانها هؤلاء الكلاب وصغّروها ومزّقوا ثيابها وباعوها «حماساً» و«قطراً» و«إثيوبيا». الشارع يقول لكم: كونوا أوصياء علينا حتى نتعلم كيف نحكم أنفسنا بأنفسنا، فبيننا وبين الديمقراطية «حديد ونار». لا تتركوا مصر لصغائر السياسة وحيلها الدنيئة، ولا تضعوا مصيرها بين أيدى قوى سياسية فاشلة، مولعة بالرهانات الخاطئة والخاسرة.
نحن نعرف أن العبء ثقيل، وأنكم فى مأزق يا سيادة القائد. تواجهون تحدياً لم تواجهوه من قبل: «أين تنتهى شرعية الحاكم المنتخب.. وأين تبدأ شرعية الشعب الذى انتخبه»، ولديكم غصّة مما جرى لكم طوال فترة وجود المجلس العسكرى فى السلطة. نعرف أنكم بذلتم جهوداً مضنية لانتزاع الجيش من ركاكة المشهد السياسى وصفاقته، وأنكم تصرون على ألا تعودوا إلى هذا المشهد إلا إذا أعلن الشعب توبته.. وقد أعلنها.
احكموا بالحديد والنار.. نحن شعب لا يخجل من أن يقول عن نفسه: «نخاف.. ما نختشيش». اقطعوا لسان أى كلب يهتف ضدكم أو يتطاول عليكم، فكرامتكم من كرامتنا، وعزكم من عزنا. افرضوا أحكاماً عسكرية، وافتحوا زنازين السجن لكل من يقطع طريقاً أو يروع مواطناً أو يعطل مصالح الناس. امنعوا خروج الدين من عتبة المسجد، وألجموا دعاة التكفير والفتنة، وأعيدوا إلى مصر «وسطيتها» وسعة صدرها ووحدة هلالها مع صليبها. أعيدوا مصر إلى فلاحها وعاملها وتاجرها ومبدعها. لا تراهنوا على مبادرات أو مصالحات سياسية يا سيادة القائد، فقد فات الوقت وتحرك القطار، ولا تأمنوا لهذه العصابة الحاكمة، فجرائمهم وكوارثهم خلال سنة واحدة لم تترك لنا خياراً سوى أن نقول: «احنا آسفين يا سيسى».