شقيق الشهيد وهيب: ربنا ينور بصيرة «القتلة» علشان مايعملوش كده تانى
شقيق وهيب إدوارد
تتحسّس قدماه الأرض، وكأنه كهل بلغ من العمر أرذله، هكذا أصبح حال هانى إدوارد شقيق الشهيد وهيب إدوارد، الذى لم يتجاوز الثلاثين من عمره بعد، يتلقى العزاء وهو يذرف الدموع، حزناً على فراق شقيقه، يغلبه التعب فيجلس على أحد الكراسى فى وسط الصوان الذى أقامته الكنيسة فى قرية دير الجرنوس التابعة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا لتلقى العزاء فى شهداء الحادث الإرهابى الذى استهدف فيه الإرهابيون أوتوبيساً كان يقل أقباطاً كانوا فى طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل. يشرد ذهن «هانى» وكأنه لم يستوعب أن أخاه الذى يكبره بنحو 10 سنوات قد فارق الحياة برصاصات غادرة، يتحدث الشقيق الصغير عن أخيه، فيقول: «وهيب أخويا استُشهد، لأنه كان إنسان طيب وحنين، علشان كده ربنا اختاره ورزقه الشهادة اللى كتير بيتمنوها، لكنهم مابينولوهاش».
«هانى»: كنت فى المشرحة باستقبل الجثث وأول ما شفت وش أخويا وقعت من طولى وماحستش بنفسى غير وانا ماشى فى جنازته
بصوت يكاد لا يُسمع، يواصل «هانى» حديثه، فيقول: «كنت قاعد فى البيت أنا وأولادى الصبح بنفطر، وكنت لسه راجع من الغيط، لقيت كرولس أبن أخويا جالى البيت، وبيقول لى يا عمى تعالى العربية اللى أبويا راكب فيها عملت حادثة على الطريق، جريت بسرعة علشان أعرف فيه إيه، وصلت مكان الحادثة لقيت فيه شرطة واقفة، حاولت أفهم إيه اللى حصل، لكن مفيش حد قال لى حاجة، وبعدها فهمت أن فيه عدد من الإرهابيين اغتالوا الناس اللى رايحين يصلوا فى الدير».
تتعثّر الكلمات فى فمه، وتنهمر الدموع من عينيه مرة أخرى، يحاول أن يتماسك ويجتهد فى أن يُخرج الكلمات: «لما دخلت المشرحة كانت الساعة حوالى 12 الظهر، وأنا اللى كنت باستقبل الجثث، وفى الوقت ده استقبلت أول جثة، وفتحت الجراب اللى ملفوفة فيه، وبصيت فيها لاقيت الجثة لواحد غريب مش أخويا ومش من البلد، جت الجثة الثانية، وماكانش باين لها ملامح خالص، كانت محروقة، بس لما جت الجثة الثالثة وقبل ما أفتح الجراب قلبى انقبض، وفضلت أدعى يكون أخويا لسه عايش، ومايكونش مات، ماعرفش إيه اللى حصل لى بعد ما فتحت الجراب، ولقيت وش أخويا قدامى غرقان فى دمه وقافل عينه، ماتحملتش الصدمة، وقعت من طولى وماحستش بنفسى غير بعدها بساعتين، وأنا ماشى فى جنازة أخويا».
بينما يتلقى العزاء، تمر أمام «هانى» ذكريات وسنوات العمر الطويل التى قضاها فى كنف أخيه بعد وفاة والده، التى تولى من بعدها «وهيب» رعاية إخوته وأمه العجوز، فيُتمتم قائلاً: «عمره ما كان بيتأخر عن حد، كان بيراعى أمى لغاية لما ماتت، وطول الوقت كان بيفضل يسأل عننا لو محتاجين حاجة، كان بيخصص يوم الجمعة من كل أسبوع لزيارة دير الأنبا صموئيل، وبيشتغل كمتطوع فى صيانة الدير دون أجر. وينهى حديثه»، داعياً «يا رب نوّر بصيرة اللى قتلوا أخويا، وعرّفهم طريق الخير علشان مايعملوش كده تانى».