أشهر الرئيس السيسى سلاح كلمته فى قمة الرياض معبراً عن القواعد الأساسية للأمن القومى العربى ارتكازاً على العمق الحضارى والثقافى والإنسانى والعسكرى الذى تتفرد به مصر وحدها واستناداً على خبرات وطنية تاريخية فى التعامل مع متغيرات شتى طالت الإقليم وما زالت تعصف بأمنه واستقراره.
أخطأوا إن ظنوا أن المحارب قد يلين أو يستسلم.
فهو يفطن لتواطؤ إقليمى - دولى محموم غرضه عزل مصر عن محيطها القومى ودفعها للانكماش داخل حدودها وبقدر هذا الانكماش يتمدد مفهوم الأمن الإسرائيلى.. كيف ينسى وهو المحارب أن مصر وهى تقود الصراع العربى الإسرائيلى من بدايته مدافعة عن أمنها القومى وعن أمن العروبة كلها ضحت بـ130 ألف شهيد وتكبدت وحدها 100 مليار دولار..
مصر هى الغاية والهدف، الجائزة الكبرى، هذا المصطلح الذى تمت صياغته داخل إسرائيل وقبل غزو العراق فى جلسة جمعت شارون وموشى يعلون مع نائب وزير الخارجية الأمريكى للشرق الأوسط آنذاك.
إن المحارب يدرك أن القضاء على مفهوم الدولة العربية لتحل محلها الدولة الطائفية والدويلة ذات الأقلية، غاية صهيونية قديمة لا تتحقق بمفهومها الواسع إلا باستهداف مصر وبقائها..
لذا انطلق فى معركته يصوغ استراتيجية نافذة للقضاء على الإرهاب اعتمدها مجلس الأمن الدولى وثيقة عالمية، فثقل التجربة المصرية الحية فى حرب الإرهاب إنما أعادت إبراز دور مصر الريادى فى المنطقة وأكدت أن الزعامة ليست سلعة يستطيع البعض شراءها، فهى كما قلنا عوامل عدة تفردت بها مصر عن الجميع، وانطلق معلناً أن لمصر يداً طولى لن تتردد فى عصف أى بؤرة تمثل تهديداً للأمن القومى المصرى، وتمثل هذا فى دك معسكرات إرهابية داخل العمق الليبى أمس الأول قصاصاً لشهداء العدوة.
فى معركة الكلمة أيضاً..
قام البشير مؤخراً باستهداف الجيش، مدّعياً أن مدرعات مصرية شاركت فى القتال الدائر بينه وبين قبائل دارفور، تم الكشف بعدها أنها أوكرانية وليست مصرية.
واقع التاريخ الموثق يقول:
إن مصر قدمت خلال عدة معارك فى السودان عام 1884 فقط نحو 32 ألفاً و400 شهيد وهو ما يعادل ضعف عدد الجيش المصرى العامل وقتها وقدم الجنود المصريون من الشهداء عدداً من الصعب حسابه وهم ينشئون خطوط السكك الحديدية السودانية لمساحة 325 ميلاً، ليس هذا من باب المعايرة وإنما للتذكرة بأن لمصر واقعاً حضارياً وإنسانياً وعسكرياً محفوراً فى كل شبر عربى، وكما قال الرئيس: «مصر تتعاون لتبنى». واقع التاريخ يؤكد كذلك أن السودان قام بتمرير وفود من العناصر الإرهابية للداخل الليبى أثناء حرب الناتو على ليبيا (هذا من واقع معايشتى الحية للحرب أثناء تغطيتها بليبيا عام 2011) تلك العناصر ما زالت تساهم فى إسقاط ليبيا واستهداف الداخل المصرى بعمليات إرهابية حتى حادث قرية العدوة فى محافظة المنيا. مصر ما زالت تحارب الإرهاب وتحمل الصيغة الواضحة للأمن القومى العربى وحدها.. مقابل سياسات عبثية من أطراف إقليمية منخرطة طوعاً فى استراتيجية تقسيم الأوطان العربية ومحاولة تخليق تحالف إقليمى مشبوه.
على تلك الأطراف أن تعى أن هذا النهج لن يؤدى إلى تهدئة أو حلول فى المنطقة ولن تفلح أى معادلة تتعارض مع الارتباط التاريخى لمصر بفكرة الدولة القومية والدور الريادى لمصر فى الإقليم.
فكلمة مصر هى العليا.. وسلاحها أبداً لا ينحنى.