انتهت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر كتنظيم أسكرته خمر السلطة فشرب منها حتى تهاوى فكتب لنفسه النهاية قبل أن يكتبها له الشعب المصرى. نجح الجيل الحالى فى مكتب الإرشاد ومندوبه السابق فى الرئاسة فى القضاء على تنظيم الإخوان المسلمين، وهو الأمر الذى فشل فيه عبدالناصر والسادات ومبارك.
انتهى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين انتحاراً بعد أن عجزت جميع الأنظمة الحاكمة فى مصر منذ الأربعينيات فى أن تكتب له النهاية، انتحر التنظيم بطمعه وبغباء القائمين عليه من قيادته الحالية التى تصورت أنها قادرة على حكم بلد بحجم مصر بحضارتها الضاربة فى أعماق التاريخ وبتنوعها الرائع الذى يميزها وتنفرد به عن باقى الأمم، وتصورت بغباء أيضاً -أقصد القيادات- أنها يمكن أن تحكم الشعب المصرى بالحديد والنار وأن الشعب سينصاع للطغيان الجديد بعد أن ثار على طغيان مبارك وعُصبته، وتوهموا أن مصر قد دانت لهم، فرأينا منهم ما لم نكن نتوقعه؛ رأينا الصلف والتعالى والإقصاء، بل وازدراء الآخرين، رأينا منهم الكذب والمراوغة والإنكار، ورأيناهم يستقوون على شعبهم بعصابات مسلحة، ورأينا الوطن مُهاناً ذليلاً يتسول فى عهدهم، ورأيناهم يُكفّرون معارضيهم ويُلوثون سمعتهم، رأيناهم يحنثون بالقسم ويخلفون الوعد والعهد، رأيناهم على استعداد لبيع الوطن فى سبيل تمكينهم، وشهدت مصر فى عهدهم انقسام شعبها، ورأيناهم يدفعون بأنصارهم من أبناء الشعب المصرى لمواجهة أشقائهم وأبناء وطنهم من معارضيهم، ورأينا مصر على شفا حرب أهلية هم السبب فيها ورأيناهم يُرهِبون ويُروّعون الشعب ويهددون بحرق الوطن.
نسوا قول الله تعالى «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ»، فأنساهم الله أنفسهم ولم يتدبروا الآية الكريمة ولم يعملوا بها، بل تعمدوا إهدارها عن جهل أو عن عمد، فلم يؤدوا الأمانات ولم يحفظوا الوطن ويصونوا حرماته، بل فرّطوا فيه وأهدروا كرامته ولم يحكموا إلا بالصلف والغرور والطغيان، وبرفعهم شعارات الإسلام مع ممارساتهم التى تنافى هذا الدين السمح القيم، شوهوا صورة ديننا الحنيف؛ فالمسلم لا يكذب ولا يخادع ولا يحنث بقسم ولا يُرهِب ولا يُروّع الناس، وهم فعلوا كل ذلك، فكان رد الفعل الطبيعى من الشعب المصرى أن ينتفض دفاعاً عن دينه الذى شوهوه وعن وطنه الذى أهانوه.
وأُقر فى ذات الوقت بإيجابيات لحكم الإخوان، والتى تمثلت فى أنها أظهرت للشعب المصرى حقيقة تنظيم الإخوان المسلمين، وأنهم تمكنوا -الإخوان المسلمين- خلال عام واحد من كشف خداعهم للشعب الذى استمر لأكثر من ثمانين عاماً فتعروا وانكشفت سوأتهم.
كذلك ساهم حكمهم فى كشف وجوه كانت مستترة وراء الوطنية فاتضح أنهم فى أحط أنواع الانتهازية فسارعوا إلى منافقتهم وتنفيذ مخططاتهم، فلم يعد لهم مكان بين المخلصين من أبناء هذا الشعب وإنما حق عليهم أن يُلقى بهم فى سلة مهملات الوطن.
أيضاً فقد نجح الإخوان خلال عام واحد فى توحيد صف الشعب المصرى بكافة أطيافه وانتماءاته خلف هدف واحد هو الخلاص والتخلص من حكمهم البغيض، فالوحدة الوطنية بين المصريين فى أبهى صورها وتوحد الاشتراكى والرأسمالى والمسلم والمسيحى للفظ هذا الجسم الغريب من حلق الوطن، وكذلك نجح الإخوان فى أن يُعيدوا الشرطة ورجالها المخلصين إلى أحضان شعبهم فيقفوا صفاً واحداً لخلع حكم الإخوان وهو ما لم يكن ممكناً أن يتحقق فى غير حكمهم.
وأظهر حكم الإخوان هذه الطاقات الخلاقة لشباب مصر قادة الحركة الوطنية المصرية بامتياز وأظهر قدرتهم الفائقة على قيادة الجماهير وأنهم الأجدر لإدارة الوطن.
وأخيراً، أكد حكم الإخوان على وطنية العسكرية المصرية وبأنها تنحاز فقط إلى شعبها، وأن الشعب هو قائدها الأعلى الفعلى الذى تأتمر بأوامره وتنصاع لإرادته، وأنها القادرة على حمايته وتحريره من أى احتلال خارجى أو داخلى وأن قرارها مرهون بإرادة هذا الشعب العظيم.
إن الانتفاضة المصرية لا تهدف إلا إلى القضاء على حكم الإخوان وليس القضاء على الإخوان أو حتى إقصاءهم ولكن ليعودوا إلى حجمهم الطبيعى وإلى سيرتهم الأولى التى خدعونا عنها لأكثر من ثمانين عاماً، ولكن الشعب المصرى لن يمكّنهم من الحكم، فقد انتهى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين إلى غير رجعة، أما لو فكر التنظيم فى استخدام العنف فسوف تكون نهاية الإخوان المسلمين أنفسهم.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.