النصائح التى وجهها العلامة الأزهرى الشيخ أسامة السيد الأزهرى، المشرف على مكتب رسالة الأزهر، فى ندوة بساقية الصاوى، الأربعاء الماضى، تمثل نقطة فارقة، لو أخذ بها الدكتور مرسى، فهى نصائح ذهبية جديدة، فى إطار خطاب أزهرى مؤصل، والمتحدث أحد أبرز العلماء الأكاديميين المنافحين عن المنهج الأزهرى.
وفى المحاضرة ملاحظات شكلية، مثل لغته العربية الدقيقة، والتأخر فى التزامه بموعد المحاضرة، وأما فى المضمون فيمكن تلخيص النصائح التى وجهها العالم الأزهرى للرئيس الجديد فى نقاط:
1- السيد الرئيس: ضع يديك على مفاتيح الشخصية المصرية، وكن شديد الحساسية ناحيتها، واقرأ أسباب تشابك هذه الشخصية، واعلم أن المصرى صبور متحمل، وقد يطول صبره فينفجر، وإذا انفجر كان مدمراً.
2- المعارضة فيها جزء من الحقيقة وجزء من التطاول، فلا تجعل ما عندها من تطاول يصرفك عن النظر إلى ما عندها من حقيقة.
3- إياك أن تُحرش أو تُهيج بعض فئات المجتمع على بعض، وتأكد أن كل مصرى، مهما كان توجهه، ملىء بالدرر والكنوز فاستفد منه، والتق بكل المرشحين الذين لم يوفَقوا، واسمع نصيحتهم، واعلم أن الإدارة الناجحة مدخل النجاح.
4- عليك بالتوازن الدقيق بين دوائر الانتماءات المتداخلة، فأنت مصرى عربى إخوانى، فلا تطغى الدائرة الصغرى على الكبرى، ولا عبرة لفرع صغير يَكِرُّ على أصله الكبير بالبطلان، انتماؤك الخاص للإخوان أنت حر فيه، شريطة ألا يطغى ولا يؤثر على الانتماء الأكبر.
5- هناك سلطة، وهناك زعامة ومحبة، والصندوق الانتخابى يكفل لك السلطة، وأما الزعامة ومحبة الناس فيكفلهما لك إنجازك وصدقك فقط.
6- عليك بالتعليم ثم التعليم ثم التعليم، فقم بتنمية التعليم والبحث العلمى، ولا تعد بما لا يمكنك تنفيذه، واجتهد فى الوفاء بما وعدت به، وصارح الناس بالمصاعب التى تعانيها.
7- اجمع المصريين على عدد من المشروعات القومية الكبرى، كما فعل عبدالناصر فى مشروع السد العالى، فيلتف المصريون بعلمائهم وعمالهم وأدبياتهم وكل طوائفهم فى مشاريع قومية، تجتمع إرادتهم على تحقيقها.
8- لم يشهد تاريخ الأزهر فتوى واحدة سالت بسببها دماء، أو زاد بسببها الشقاق بين أفراد المجتمع، فحافظ على منهجه وخصوصيته، واعلم أن المد الأزهرى هو الضامن الأكبر للحفاظ على وسطية مصر وشخصيتها.
وفى ختام الندوة قام المعمارى العالمى، طارق أبوالنجا، بمداخلة أكد فيها أن الأمة فى حاجة إلى فكر وعقل هذا الشيخ العالم الشاب، وقال: أنا ليبرالى ولم أسمع فى حياتى مثل هذا الكلام العظيم.
وجاء سؤال من شاب يقول: ذكرتَ يا فضيلة الشيخ ثمانى نصائح للرئيس، ولم تنصحه بتطبيق الشريعة؟ فقال الشيخ الجليل مبتسماً: أليس ما قلته هو عين تطبيق الشريعة.. أليس تطوير التعليم والحفاظ على الشخصية المصرية والاستفادة من المعارضة والمصالحة الوطنية والالتفاف حول مشروع قومى والإدارة الناجحة.. أليس كل ذلك تطبيقاً للشريعة؟
انتهت المحاضرة التى أعمل فيها العالم الشاب نعمة النظر، يوم أن عطلها المتشيخون المتشددون، وحشدوا الشارع ببضاعة مغشوشة، وانحرفوا بكلمة (تطبيق الشريعة) إلى المعنى الشكلى، والسبب أن العلم فضلة فى حياة هؤلاء، فظنوا الدين أسامى ورسوماً، وقالوا هل من مزيد، وأما المحاضر الكريم فما تصدر إلا بعد أن تمكن، فقد تلقى العلم فى الأزهر، ثم على يد أكثر من ثلاث مائة عالم شرقاً وغرباً قبل أن يتصدر، ومن هنا يأتى الفرق بين خطاب العالم وخطاب المتعالم.