تحدتني إحدى الكاتبات لكي اربط أكلة البانيه بكتابة الرواية! ورغم أنها طريقتي في الورش الإبداعية منذ سنوات، لكني وجدتني أفكر في المنهج ومن طبقه من الكتاب العظام أو حاول الكتابة بالارتباط؟
دعاء الكروان كتابة بالارتباط بامتياز، حيث يربط الكاتب بين صوت الكروان الشجي المثير للأحزان مع قصة حب وموت ريفية مصرية، وكما الكروان خاص جدا من حيث صوته وارتباطه مع حياة الريف، وارتباطه بأوقات معينة في حياة الفلاح المصري خاصة، فإن حياة هنادي وأختها آمنه شديدة الخصوصية والتميز، وفي نفس الوقت شديدة الثراء كصوت الكروان فعلا.
لنتوغل أكثر في التاريخ.. كتاب الحيوان للجاحظ، حيث يحاول شرح الحيوانات بشكل إنساني فيربطها بأمزجة وتقاليد مختلفة، كتابة بالارتباط بامتياز مختلف عن العصر ومميز.
نتراجع أكثر حيث بدايات فن الحكي، قصص الفروسية والحب "عنترة وعبلة، قيس وليلي" هي كتابة بالارتباط، حيث تلخص قصة حب في كلمة واحدة مثل الفروسية مع عنترة، الحب العذري النقي مع قيس وليلي.
لنتراجع أكثر حيث بدايات الحكي التاريخي، عندما حاول رجل الكهف إثارة إعجاب أنثاه بحكي قصة خيالية صدقها وحفرها على جدران كهفه، قاتل فيها ديناصورا ضخما وقتله، رغم اختفاء الديناصورات قبل وجود الإنسان.
هل الكتابة بالارتباط هي نفسها فكرة المعادل الموضوعي في النقد الحديث؟ نعم ولم لا؟ نظرية المعادل الموضوعي للناقد والشاعر "تي اس أليوت" اعتمادا على ربط مفهوم بحالة، ومع اختفاء أحدهم يظهر الآخر، مثل ارتباط الانهيار الإنساني بعد الحرب العالمية الثانية بالأرض الخراب، كما في قصيدة أليوت الشهيرة الأرض الخراب، وهل هي نفس الفكرة عندما ربط "دوستويفسكي" النفس البشرية المعقدة بالجريمة والعقاب، أو عندما تكلمت المدرسة النفسية الوظيفية عن ارتباط ضرب الجرس يسيل لعاب الكلب مع تقديم الطعام؟
الكتابة بالارتباط هي كل ماسبق أو أحدهم، أو بلا أي أحد إطلاقا، فأنت حر تكتب كما تريد، ولماذا لا تكون طريقة للكتابة مختلفة؟
هل أطرح أسئلة أكثر من الأجوبة؟ ربما لأن الأجوبة تختلف باختلاف القراء نفسهم.
الكتابة الإبداعية لها مليارات الأوجه، وكل وجه يعني طريقة عمل مختلفة لتنتج أعمال مختلفة.
بالمناسبة بعضهم يخلط بين سهولة عمل وجبة البانية وكتابة الرواية.. أعتقد هذا لمقال جديد عن فن الرواية الجديدة بإذن الله.