قرر الأساتذة داخل عدد من الجامعات المصرية حجب نتائج امتحانات الطلبة الخاصة بالفصل الدراسى الحالى بالكليات المختلفة اعتراضاً على عدم تنفيذ التعديلات التى سبق وأقرها مجلس الشعب «المنحل» فيما يتعلق بزيادة رواتبهم. فالجنزورى يحتجز «الموضوع» فى درج مكتبه ولا يضعه أمام السادة «الكبارات» فى المجلس العسكرى ليوقعوا عليه. وقد خاطب بعضهم الرئيس «محمد مرسى» فى الأمر بحكم أنه «ابن كار زيهم»، حيث يعمل أستاذاً جامعياً، وعشمهم أن يتدخل الرئيس لحل مشكلة المرتبات التى حبلت بها الجامعة منذ سنين طويلة، وها هى الآن تضع «حملها» وتلد مشكلات أخرى عديدة، لكنهم ينسون وهم يستغيثون به المثل المصرى الذى يقول «عدوك ابن كارك».
ومؤكد أن «ابن الكار» عانى مما عانى منه الأساتذة عبر سنين طويلة ربما تعود إلى عام 1952، أى منذ أن حكم الضباط بر المحروسة. فالحكام «الميرى» لم يكونوا من حملة المؤهلات الجامعية، بل وكانوا يكرهون هؤلاء «المتحذلقين» الذين يسمون أنفسهم مثقفين وأساتذة وخبراء، وكانوا يرون أنهم ليسوا أكثر من مجموعة من «الكلامنجية» الذين يتحدثون كثيراً ويغرقون من يسمعهم فى النظريات اللى محدش فاهم منها حاجة. فالضباط كانوا يرون أن المجتمع يدار بالبندقية وليس بالعلم. وكانوا يتحسسون مواقع مسدساتهم كلموا استمعوا إلى كلمة «علم أو ثقافة»، لذلك فقد خلقوا مجتمعاً لا يوجد لديه طلب حقيقى على العلم، فى حين تسابق أفراده على سوق الدجل والخرافة! وقد بالغ الضباط فى الاستعانة بعدد من أساتذة الجامعات «المستأنسين» فى المواقع الوزارية والتنفيذية على أن يكون أعلى منهم دائماً أصحاب البيادة العسكرية، ليصبح «أستاذ الجامعة» مجرد وردة فى عروة «الجاكتة» الميرى.
تفاءل الأساتذة خيراً عندما اعتلى منبر الرئاسة واحد «زيهم» يعمل أستاذاً بكلية الهندسة، وملأهم «العشم» بأن يبدأ الأستاذ الدكتور الرئيس فوراً فى دعم فكرة الطلب الاجتماعى على العلم من خلال تمرير التعديلات التى أقرها مجلس الشعب على المرتبات لتحسين مستوى دخل أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والتى أدى انخفاضها إلى زهد الشباب فى البحث العلمى وفى العمل بالجامعة، وأصبح يحلم بأن يكون «ضابط» بنسر ودبورة، أو رجل أعمال متحالف مع «أبو نسر ودبورة». وأخشى أن يكون «عشم» الأساتذة فى تدخل الرئيس لحل هذه المشكلة هو «الوهم» بعينه. فالمرتبات الوحيدة التى قبلت الزيادة -بعد الثورة- هى مرتبات ضباط وصف ضباط الجيش والشرطة، مما يعنى أن الطلب على «البندقية» ما زال هو الأعلى. فالعلم والبحث العلمى يؤدى إلى كثرة الكلام، وكثرة الكلام تؤدى للصداع، ولا علاج للصداع إلا بفلق الدماغ.. والله يرحم جدنا «عنترة» الذى جعل من سيفه فى الهيجا طبيباً يداوى رأس من يشكو الصداعا!