مكالمة هاتفية من صديقة عزيزة، قالت لى بها: «لماذا صوتك باكٍ؟» أجبت: «لأنى متعبة من تفاقم مشاكلى»، التى تعلمها هى، فتجيب مستغربة: لكنك للتو وضعتِ صورة باسمه مع عبارة حمد وامتنان!!! أيهما أصدق: صوتك أم (بوستات مواقع التواصل)! إجابتى لها كانت: «صدّقى الاثنين، وأكملت لها»: عندما تلطمنا الحياة بإزعاجاتها، وتطبق علينا بفَكّيها يكون أمامنا شىء من اثنين، إما الاستسلام والنحيب ولعن الحظ، أو المقاومة، والدفاع عن النفس فى سبيل الانتصار على الحياة وحيلها.
لهذا كثيراً ما أكون باكية حزينة مثخنة بجراح غدر وخسة وعداءات لم أسعَ إليها، ولم ألحظها إلا عند لحظات انكشاف البشر، (وبذات الوقت أكون ممتنة لله أنه أعطانى قوة التحمل وأعطانى البقاء وزوّدنى دائماً بروح الصبر واحتساب الأجر عنده سبحانه).
وحده الإيمان بالله يجعلك قوياً صابراً، وحده الإيمان بالله يرسخ عندك معنى فناء الحياة، وبأن جميع قتالاتها وتناحراتها فارغة حقيرة، لكنه ذات الإيمان الذى يدفعك أن تكون قوياً فى الحق وبالحق، فالإيمان يجلب ضحكات العلن وابتسام الرضا والحمد، وإن كان قلبك يقطر دماً أو لا تنام عينك من فرط قلق لا ينتهى.
أكملت صديقتى: عجيبٌ أمرك!!!
أجبتها بأننى أقوى من الدنيا ومشكلاتها وألمها وخوفها وضغائن صدور أشرارها، سلاحى بتلك الابتسامة وبذاك الرضا، ابتسام الرضا حتماً سوف يجلب يوماً ضحكات تبلغ عنان السماء، وتشق وجه الغضب، لا يهم متى وأين وكيف لكنه سوف يحدث، هو وعد الله والله سبحانه لا يخلف وعده.
ألا تخافين الحسد؟!
أجبت: اعتدت عليه واعتاد علىّ، أظن أن فعل الحسد قد أشفق علىّ وما عاد راغباً بإيذائى!! أن الوجدانات المسلمة أمرها لله منعمة لا يمسسها سوء، وإن ظن كل أهل الأرض بأمر حل بها أنه أذى، فقد علمت وحدها (النفس المؤمنة) أن ذاك الأذى ما هو إلا نفع وخير كثير سوف تعلمه بحينه وبوقته!!
أكملت معلقة عليها: أخبرينى ما جدوى شكائى وبكائى للناس؟! قالت: لا شىء إلا أن يعلموا أنك لست بهذا النعيم الذى يعتقدون. «ثم ماذا؟!» أجبتها، ارتبكت، وقالت: أيضاً لا شىء.
وعلقت أنا أن ذوى النفوس الطيبة سوف تسعدهم بسمتى، وإن ظنوا بأمورى خيراً فرحوا لى وجاءهم أمل بأن خيرات الله تتسع للجميع. أما من يزعجه سعادتى (وإن كانت مزعومة أو مرتقبة)، فقد كشف عن شعور سلبى تجاهى، وأنا لا أحب المشاعر السلبية، ولا يعنينى سوى نفسى، أقوّمها وأهذبها وأحياناً أعذبها أيضاً إن هى لم تساعدنى على مجابهة الحياة.
وأستمر، وسأستمر، أعلن ضحكاتى وابتساماتى، علها جاءت لى بالمزيد، وأخفى أى ألم، إلى أن يتلاشى تماماً ولأن الناس لا ذنب لها بشقائك، كن إيجابياً سعيداً وفقط بضحكات معلنة وألم مخفى!!!