يوم معايشة مع فرق «إحنا معاك»: بلاى ستيشن وكرة قدم لجذب المشردين
إخصائى النشاط خلال جلسة مع الطفل «أدهم» داخل الوحدة المتنقلة
«مينى باص، مساحته 6 أمتار 2٫5 متر، حجمه يساوى أوتوبيس سعة 29 راكباً، ممتلئ داخله بعدة أدوات تختلف مهامها وتتفق على شىء واحد هو جذب الأطفال.. المينى باص من صنع الهيئة العربية للتصنيع وشكله ملائم للتجول فى الشوارع من أجل جذب الأطفال، مدون على جدرانه من الخارج شعار لافت للنظر ويشد انتباه الطفل وهو (إحنا معاك)» ومقسم من الداخل إلى عدة أقسام تشمل حجرة استقبال للطفل بها منضدة يحوطها أربعة كراسى، ثم حجرة أخرى للإسعافات الأولية، وحجرة للنشاط والترفيه حتى يقضى الطفل وقتاً مختلفاً». خط سير الوحدة ثابت، ولكنه قد يتغير حال حدوث «طارئ»، والطارئ هنا معناه أن يأتى اتصال من الأهالى أو المارة بأى شارع بالخط الساخن للإبلاغ عن وجود طفل بلا مأوى، فتتحرك أقرب وحدة متنقلة على الفور لمكان الطفل. «5 أفراد يوجدون داخل هذه الوحدة، ولكل منهم مهمة مختلفة عن الآخر، فإخصائى النشاط هو من يتولى مهمة جذب الطفل من الشارع من خلال ما يقوم به من ألعاب، أما المسعفة فتتولى تضميد جروح الطفل الذى يكون عادة مصاباً بأكثر من جرح نتيجة خناقاته مع أفراد الشارع، فيما يتولى الإخصائيان النفسى والاجتماعى مهمة الوصول إلى خلفية الطفل الاجتماعية بعد كسب ثقته من خلال ما يرويه لهم».
«يعتاد الجلوس مع الفريق بالوحدة المتنقلة، المحدد لها خط سير يومياً يشمل الجيزة والهرم وبعض مناطق جنوب غرب الجيزة، «أدهم، طفل بلا مأوى، لا يتعدى عمره 12 عاماً، يتخذ من ميدان الجيزة مسكناً له، يعرف الإخصائيون فرداً فرداً، ويعتبر من الوحدة مأوى مؤقتاً له ربما لا يتعدى توقيت وجوده داخلها ساعة كاملة، بمجرد أن رآنا تردد فى الدخول وانصرف»: «هو خاف لأنه شاف ناس غريبة موجودة النهارده، والأطفال هنا بتخاف تتعامل مع أى شخص غريب أو من فكرة القبض عليهم أو إيداعهم فى دور رعاية رغماً عنهم»، هكذا برر لنا عدنان عبدالستار الإخصائى الاجتماعى بالوحدة المتنقلة رد فعل «أدهم».
انتظرناه بعض الوقت، حتى عاد مرة أخرى، ظل متردداً فى دخول الوحدة، ولكننا كنا نلاحظ أفعاله جيداً بالخارج، من خلال ما تظهره كاميرات التصوير على شاشة التلفاز الداخلى، لم يطمئن إلا بعد أن خرج له الإخصائى الاجتماعى، ليقنعه أننا مجرد أصدقاء لهم وسنقضى معهم وقتاً قصيراً وننصرف.. دخل أدهم الوحدة، وهو يعلم جيداً ما بها من أنشطة وألعاب، جلس أمام جهاز البلاى ستيشن، ليسابق إخصائى النشاط، وبالرغم من أنه كان ممتنعاً تقريباً عن الكلام، لكنه أصر على قول: «أنا اللى هكسب الأستاذ جمال».
ولأن كسب ثقة الطفل للإخصائيين هو كل ما يسعى له فريق الوحدة المتنقلة، كى يجد مدخلاً يحكى له الطفل عن خلفيته الاجتماعية والظروف التى أدت به إلى هنا، يقول عدنان عبدالستار الإخصائى الاجتماعى، وربما يأخذ الأمر منا عدة أيام حتى يستريح الطفل لنا ويعتاد على زيارتنا بالوحدة، أو يعتاد على استقبالنا فى الشارع دون أن يهرب، ومن أجل هذا إخصائى النشاط ينزل للشارع بأدوات جذب لأى طفل، مثل الألعاب وأقلام التلوين وكرة القدم والألعاب السحرية، حتى ينجذب لنا ونبدأ عملية البحث، وفى بعض الأحيان نأخذ الأطفال للحدائق العامة ونقيم لهم مباريات كرة قدم، ومن هنا يستريح الطفل لنا ويحكى عن ظروفه، ثم نعرض نحن عليه المزايا التى سيجدها فى دار الرعاية، أو نؤهله للعودة لأسرته حال وجودها».