ليس من مهام إعلام الشر أن يقول كلاماً مزيفاً فقط.. وإنما من مهامه أيضاً أن يمنع كلاماً حقيقياً من الوصول للناس.. بهذا المنطق يتعامل إعلام الشر.. وكما أن ما يرددونه بكثافة كى يردده الناس خلفهم ويعتقدون فى حقيقته فإن ما يخفونه عن الناس يستهدفون تحوله إلى حقيقة!
كثيرون الآن يرددون مقولة «إن الحال لم يتغير كثيراً عن النظام الأسبق»، إلى قولهم «الدولة مقبلة على الخصخصة مرة أخرى وتصفية ما تبقى من القطاع العام»، وما يثير الدهشة هو أن ما يحدث هو عكس ذلك تماماً.. وأى قراءة فى دفتر أحوال وزارة قطاع الأعمال مثلاً يؤكد ذلك تماماً..
فى الأول من أبريل الماضى ترأس السفير ياسر النجار الجمعية العمومية لشركة النصر للأجهزة الكهربائية (نيازا) لتحدد خطة الأشهر المقبلة والسنة المالية الجديدة، وتقرر أن المستهدف فيها أرباح تتعدى الـ30 مليون جنيه.
«نيازا» كانت قد ذهبت مع إجراءات وعمليات الخصخصة وعادت للعمل تحت مظلة الدولة وللأسف بلا ضجيج وأنفق عليها ما يزيد على 15 مليون جنيه لتطويرها حتى عادت للعمل بكفاءة كبيرة تغطى بها جزءاً كبيراً من احتياجاتنا من اللمبات الليد والمصابيح الكهربائية حتى تصل إلى مليون قطعة شهرياً بمختلف الأطوال والمقاسات، وكانت قد حققت مبيعات فى أول ثلاثة شهور لها فى أغسطس 2015 ما تجاوز الـ23 مليون جنيه!
أما شركة قها للصناعات الغذائية، التى انتقلت أرباحها عام 2010 من 616 ألف جنيه إلى خسائر فى 2011 و2012 إلا أن الدولة بعد 2013 قامت بضخ ما يقرب من 100 مليون جنيه لتطويرها وأعادت العمل فى كافة خطوط إنتاجها فى كل الأفرع حتى بلغت صادراتها، وطبقاً للتقرير الصادر عن الشركة فى 3 يوليو الماضى، ما يقرب من 72 مليون جنيه عن النصف الأول من العام المالى 2016/2017، أى ربما تتجاوز المبيعات الـ140 مليون جنيه، نسبة كبيرة منها صادرات للخارج تحمل علامة «صنع فى مصر»، التى غابت طويلاً وعن إنتاج هذه الشركة تحديداً!
وفى الأول من يناير الماضى وبعد اجتماع مع الرئيس السيسى فاجأ الدكتور أشرف الشرقاوى، وزير قطاع الأعمال، المصريين بإحصائية جديدة عن الشركات الخاسرة فى وزارته؛ حيث أعلن عن تراجع الشركات الخاسرة من بين 148 شركة تتبع وزارته إلى 55 شركة، وبالتالى زيادة الشركات الرابحة إلى 66 شركة، وتتعادل باقى الشركات فلا تخسر ولا تربح..
كان الدكتور الشرقاوى قد استطاع عقد الجمعيات العمومية للشركات بعد تعثر لسنوات، وبالطبع حوّل الدكتور الشرقاوى الإنجاز إلى أرقام، فقال إن الأرباح بلغت 60.8 مليار جنيه فى العام المالى المنتهى بزيادة 9.6% عن العام السابق، الذى حققت فيه 55.4 مليار جنيه!
من بين القطاعات الرابحة فى قطاع الأعمال يتصدر قطاع النقل البحرى والبرى الصورة.. حوّلها «الشرقاوى» أيضاً إلى أرقام فقال فى نهاية 2016 إن صافى ربح الشركات التابعة للشركة القابضة للنقل البحرى والبرى يبلغ 2.113 مليار جنيه بنسبة زيادة عن العام السابق 61.5%، وإنها حققت معدلات نمو كبيرة بلغت معدلات مرتفعة جداً من الأداء بنسبة نمو 75.2% زيادة فى الربح فى العام المالى 2015/2016 مقارنة بالعام السابق!!
وفى تقريره السابق لم يترك «الشرقاوى» الفرصة ليطمئن المصريين على قطاع آخر يتصدر القطاعات الرابحة وهو قطاع التشييد والبناء فأكد أن نسبة النمو بالقطاع وصلت إلى 36% ثم حوّلها أيضاً إلى أرقام فقال: الشركة القابضة للتشييد والبناء حققت ربحاً وصل إلى 738 مليون جنيه عام 2015/2016، بينما حققت فى العام السابق خسائر بلغت 355 مليون جنيه، حيث تحسنت نتائج 14 شركة من إجمالى 18 شركة من القطاع إما بزيادة فى الربح أو تراجع فى الخسائر!
الوزير أكد أيضاً أن قطاع المعادن، وتمثله «الشركة القابضة للصناعات المعدنية»، حقق أرباحاً لأول مرة منذ عام 2009، وقال تفاصيل مهمة عن القطاع كله، بما فيها تغيير خطة النهوض بصناعة الحديد والصلب، وهى تفاصيل مهمة تحتاج مقالاً مستقلاً.. إلا أنه لا قطاع الصناعات المعدنية تحدث عنه الإعلام مثله مثل باقى القطاعات، ولا حتى غطى الإعلام، بكافة صوره وأدواته، إعادة افتتاح مصنع أسماك أسوان بعد إغلاق استمر 15 عاماً حتى اكتشفنا من خلال بعض الحوارات أن أبناء أسوان أنفسهم لا يعرفون فى غالبيتهم شيئاً عن الموضوع رغم أنه يضم مصنعاً لتعليب الأسماك وإلى جواره مصنع للفلين وآخر للثلج وثالث لتوفير حبوب الأسماك، بما يوفر مئات من فرص العمل لأبناء أسوان!!
الإعلام الشرير والفاشل تحديداً لن يقول للناس عن جهود استعادة شركة النصر للسيارات، ولا معنى توسعات شركة النصر للكيماويات وفرعيها المهمين بالفيوم وأبورواش، ولا معنى العمل بكفاءة فى شركة سيماف، ولا معنى إعادة تأهيل والعمل فى الترسانة البحرية!
أمجاد القطاع العام الكبير الذى بناه المصريون فى الستينات والذى بيع فى الثمانينات والتسعينات تعود.. بينما يقول إعلام الشر خلاف ذلك للناس.. فيعيد إليهم ذكريات التفريط والتشريد فى عمليات الخصخصة.. بينما يحدث وبالأرقام بين أيديكم العكس تماماً من ذلك!!