مفتى تونس: شرع الله فى أمور الدنيا يمكن تغييره بحسب المكان والزمان.. وأحترم الأزهر الشريف
الشيخ عثمان بطيخ
أثار جدلاً واسعاً على خلفية تأييده المساواة فى تقاسم الميراث بين الرجل والمرأة، والموافقة على زواج المرأة المسلمة من غير المسلم الأجنبى، إنه مفتى الجمهورية التونسية، الشيخ عثمان بطيخ، البالغ من العمر نحو 76 عاماً، حاصل على الدكتوراه من كلية الشريعة وأصول الدين فى تونس، وتحول خلال الأيام الأخيرة إلى محور مناقشات عديدة بين مؤيدين ومعارضين امتدت خارج بلاده إلى كافة بلاد العالمين العربى والإسلامى.
الشيخ عثمان بطيخ: دعوة الرئيس المصرى لتجديد الخطاب الدينى تستحق الإشادة.. وتحتاج إلى التفاعل معها فى العالم العربى
الشيخ عثمان بطيخ قال فى حواره لـ«الوطن»، إن الدين فتح باب التجديد والاجتهاد، وأعطى لكل ذى عقل حرية التفكير والتطوير والتغيير بما يتناسب مع متغيرات الزمان والمكان، والمساواة فى الميراث أو الزواج من غير المسلم من الأمور التى تدخل فى باب التجديد بما يتفق مع مصلحة الناس ومقاصد الشريعة.. وإلى نص الحوار:
فى البداية، كيف استندت إلى جواز المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة؟
- استندت إلى جوهر الدين الإسلامى الذى جاء ليكون خيراً للناس وسعادة لهم، وليس شراً أو شقاءً، وتعلمنا أنه أينما كانت مصلحة الناس كان شرع الله، وهذه المصالح متغيرة بطبيعة تغير الزمان والمكان من فترة لأخرى، ومن عصر لآخر، ومن مجموعة بشرية فى بيئة معينة إلى مجموعة بشرية أخرى فى بيئة مختلفة، وبالتالى فشرع الله فى المسائل الاجتماعية والحياتية يمكن أن يتغير ويتطور ويختلف من مكان لمكان ومن زمان لزمان ومن بيئة بشرية بصفات وعادات إلى بيئة بشرية أخرى. هذا هو ما استندت عليه، ولم نعمل إلا عقلنا فى الدعوة التى أطلقها الرئيس التونسى، الباجى قايد السبسى، فى عيد المرأة فى تونس، وهو ولى أمر يرعى مصالح شعبه، وينظر فى شئونهم، ويتخذ كل ما هو مفيد لهذا الشعب ومناسب للتطورات التى نمر بها جميعاً.
القضية الثانية التى أثارت جدلاً واسعاً هى جواز زواج المسلمة من أجنبى غير مسلم، كيف رأيتم ذلك؟
- رأينا ذلك لأن فيه مصلحة الناس، ولأن العالم كله تغير وأصبحت هناك مبادئ وقوانين محلية وعالمية تحكم علاقة الزوج بزوجته، وتمنعه من إجبارها على شىء أو التعدى عليها أو إخضاعها له، وتحافظ على حرية العقيدة والعبادة لكل فرد، ورأينا مظاهر المساواة تتحقق بين الرجل والمرأة فى كل المجالات، ونرى الآن المرأة تعمل وتسافر وتدير وتقود ليس فى تونس فقط، بل فى كل بلدان العالم، إلا ما ندر، وبالتالى لم تعد هناك حاجة لنميز الرجل عن المرأة فى الزواج من الأجنبى.
لا يجب التمييز فى مسألة الزواج من أجنبى لأن القانون يحكم العلاقة
الأزهر الشريف فى مصر أعلن رفضه لهذه الخطوات، بل انتقدها ووصفها بأنها ليست من الدين.. فما رأيكم؟
- نحترم الأزهر الشريف ونقدر علماءه ومشايخه الأجلاء، وتعلمنا وتتلمذنا على أيادى بعضهم، وهم أصحاب فضل وعلم، وعلينا أن نتعاون فيما نتفق عليه، وهو كثير، ونعذر بعضنا فيما اختلفنا فيه، وهو قليل، والاختلاف رحمة طالما الحقوق محصنة.
كيف تلقيت بعض الدعوات التى صدرت عن مشايخ فى بلدان مختلفة تهاجمك، بل وصلت إلى حد التكفير؟
- هذه آفة نعانى منها كلنا، وهى التعصب والتشدد والغلو والتكفير، ويظن كل صاحب رأى أنه صاحب العقيدة الحق، وأن غيره باطل، وهذا خرف عقلى قبل أن يكون خرفاً دينياً. نسأل الله أن يسامحهم ويعافيهم ويغفر لهم ويهديهم وينور بصيرتهم.
فى مصر هناك دعوة لتجديد الخطاب الدينى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل عامين، هل تابعتها؟
- رأينا وسمعنا الرئيس المصرى وهو يدعو للتجديد، وهذا أمر طيب ومحمود ويستحق الإشادة والثناء، لأن مواجهة الإرهاب الذى يعانى منه العالم كله تبدأ من تجديد العقل والفهم الدينى والخطاب الدعوى، وليس مواجهة أمنية فقط، ويجب على كل الحكومات وكل المسئولين فى عالمنا العربى أن يتخذوا هذا الطريق لفتح باب التطوير والاجتهاد والتجديد، وأن يتفاعل معه الجميع من أصحاب الرأى والدعوة، الذين يتحدثون إلى الناس فى شئون دينهم ودنياهم، حتى يتحول التجديد من دعوة إلى واقع يهنأ به الناس وتتحسن حياتهم.