«الزبالة» أكبر مشكلة تواجه مصر الآن، وهى واحدة من الملفات الخمسة التى وعد الرئيس مرسى بالتعامل معها خلال المائة يوم الأولى من رئاسته. وعلى هامش الوعد بدأت المقترحات والجهود تتوالى من أجل التعامل مع هذه «المعضلة». اقترح البعض فرض غرامة على المواطن الذى يلقى بشنطة زبالته فى الطريق العام، واقترح آخرون استغلال وقت فراغ الشباب فى الصيف لكى يقوموا بدور فى تنظيف الشوارع ووضع فازات فل وياسمين فى الطرق حتى تصبح مصر تحفة للناظرين ومتعة للزائرين! لبّى شباب الإخوان هذه الدعوة وسارعوا إلى «التشمير» عن ساعد الجد وبدأوا فى رفع «القمامة» من الشوارع داخل بعض المحافظات. وهى جهود محمودة ومساع مشكورة. فـ«إماطة الأذى عن الطريق صدقة»، ومع تقديرى لهكذا جهود إلا أنها لن تجدى شيئاً. فحل مشكلة «الزبالة» لن يتحقق بتسليح المواطنين بـ«المقشات»!
فمهما كان عدد «المقشات» ومجموع الأيدى التى تعمل فى «التنضيف» فلن تستطيع بحال أن تحل المشكلة. والمثل المصرى يقول «التشافيط متملاش قرب»، فكل ما يحدث هو «تشافيط» ليس أكثر، ولجوء السلطة الحاكمة إلى هذا الأسلوب يعنى أنها لم تبتعد كثيراً عن أسلوب السلطة البائدة التى تم الإلقاء بها فى «سلة القمامة»!. فالمسئولون ينسون أن المواطن يدفع شهرياً من «قوته الحى» مبالغ تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة عشر جنيهاً يتم تحصيلها على فاتورة الكهرباء ليتم جمع ملايين ملايين الجنيهات تحت بند النظافة، بهذه الأموال فقط يمكن أن تحل مشاكل «الزبالة»، وليس بالضحك على المواطن مرتين: مرة بـ«الفلوس» التى تأكلها السلطة «سُحت» لأنها لا تقوم بعمل يقابلها، ومرة بتحميله «مقشة» لينظف بها الشارع بعد أن «قشت» السلطة جنيهاته.
حل المشكلة فى تلك الملايين التى تلقى فى جيوب المحظوظين من المسئولين لتترك «الزبالة» فى الشارع، زمان كان «الزبال» صاحب «العربية الكارو والحمار» يلف على البيوت ليجمع القمامة من أمامها ويذهب بها بعيداً ليضعها فى مقالب القمامة نظير الحصول على أجرة شهرية -جنيه أو اتنين أو تلاتة حسب المنطقة- وفى الكثير من الأحيان كان بعض المواطنين «يلابطون» فى الدفع، ومع ذلك كان «الزبال» يجمع كل الأكياس من أمام البيوت، على أساس أن العملية «شايلة» بعضها، ومن يدفع «يشيل» عمن لا يدفع. على السلطة فى عصر الرئيس محمد مرسى ألا تمارس بالمنطق «اللصوصى» الذى عملت بها السلطة الساقطة البائدة وأن ترفع عصا الجباية عن المواطن وتتركه منه لـ«الزبال» مباشرة. فصاحب «الكارو والحمار» أقدر على الحل ممن يريدون أن يحولوا المصريين الذين قاموا بثورة شهد لها العالم إلى مجموعة من «الزبالين»!.