عندما تسمع كلمة الجهاد في هذة الأيام يسرح بك الخيال إلى مجموعة من الوجوه المستفزة تزينها اللحى الكثيفة ذات الجلباب القصير والأصوات العالية التي لا تتكلم سوى عن أمرين، إما عذاب القبر أو جمال الحور العين، وما بين هذا وذاك أمور كثيرة متشابهات قد تودي بك إلى النار في جميع الحالات إن لم تحسن التدبير بعقلك الشخصي دون الاستعانة بأصحاب هذه الوجوه الكئيبة التي دائما ما يكون لها مآرب أخرى، وقد تطورت أساليبها كثيرا مقارنة بالماضي السحيق مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا، ظهرت أنواع جديدة من الجهاد الفكري والثقافي ما بين متحررين ينادون بالحريات المطلقة لتكسير القواعد والقيم المجتمعية والدينية، وآخرين يحملون السلاح والأحزمة الناسفة جعلوا قتل الأنفس التي حرمها الله وسيلة لإرضاء حوريات الجنة، ومابين هذا التناقض والتضاد لم يختف حزب الكنبة من الصورة، حيث اكتفى بالمشاهدة كعادته، وربما يكون هو الطرف الأكثر عقلا وسلبية أيضا في هذه الحرب لسبب أسمى وأجل "ريح دماغه".
انتقل الجهاد الآن إلى ساحات "السوشيال ميديا"، وكثرت المبارزات بين جميع الأطراف، وتصاعدت الأصوات ووضعت العقول على "الرف" إلى أجل غير مسمى، وهذا ما يبشر بالنهاية القريبة التي لن تكون في صالح الطرفين على الإطلاق، نعم هي الحرب الوحيدة التي سوف نخرج منها دون أي غنائم إلا في حالة البعد عن مبدأ السمع والطاعة لأشخاص كل منهم يسعى للوصل لهدفه على جثث الموتى أو ما تبقى من أجساد الأحياء، لذلك علينا أن نرقى بأنفسنا وبكونية وجودنا على هذا الكوكب.
نحن لم نخلق لنحارب أو نقتل في سبيل فكر يحتمل الخطأ والصواب!
لم نخلق لنتعرى أو نعيش كالحيوانات دون حقوق أو قوانين تحكمنا، لن تكون في صالحنا طوال الوقت لكن علينا التعايش معها وتغييرها للأفضل.
لم نخلق لنعيش خفافيش في الظلام الدامس التزاما بأشياء غير موجودة أو للاختفاء خلفها!