فركت عينى أكثر من مرة وأنا أقرأ أسماء أعضاء اللجنة التى شكلها الدكتور «محمد مرسى» لتقصى الحقائق بشأن قتل وإصابة المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير. فقد وجدت من بينهم الأستاذ الدكتور «محمود كبيش» عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة. وهو -لمن لا يعرفه- رئيس فريق الدفاع عن الدكتور «أحمد فتحى سرور»، المتهم فى قضية قتل المتظاهرين بـ«موقعة الجمل» الشهيرة يوم 2 فبراير!. ولست أدرى كيف سيتمكن الرجل وهو أحد المدافعين عن واحد من أبرز المتهمين بقتل المتظاهرين خلال الثورة من ممارسة عمله فى اللجنة التى تم تشكيلها للكشف عما تم إخفاؤه من أدلة فى هذا السياق لصالح المتهمين، ومنهم فتحى سرور؟!
لقد قامت كلية الحقوق -فى ظل عمادته- بمعاقبة أحد الطلاب بالفرقة الأولى بالكلية منذ بضعة أسابيع بالحرمان من دخول الامتحانات لأنه تطاول على العميد «الدكتور كبيش»، لأنه كتب على صفحته على «الفيس بوك» أنه -أى العميد- رئيس فريق الدفاع عن واحد من كبار الفلول (يقصد الدكتور فتحى سرور)، وقال العميد وقتها: «إن الطالب تلفظ بعبارات نابية تسىء إلى شخصى تعرضه للمحاكمة الجنائية، وصورته موجودة على الحساب، ونحن لن نتجه إلى مقاضاته جنائياً بل سنتجه إلى الجزاء التأديبى فقط».
لست أدرى ما الأسس التى تم الاستناد إليها فى تشكيل لجنة تقصى الحقائق الذى تمخض عنها قصر الرئاسة الذى يعيش الدكتور «محمد مرسى» خلف بابه العالى، لكن من المؤكد أن الحسابات بدأت تفلت، والتركيز بدأ يقل بعد أيام معدودات فقط من التسلطن على كرسى الرئاسة، والدليل هذه الخطوة التى اتخذتها مؤسسة الرئاسة بتشكيل لجنة تقصى الحقائق على هذا النحو، ليمارس أحد أعضائها دوراً مزدوجاً فى الدفاع عن المتهمين بالقتل من ناحية، وتقصى الحقائق التى تدينهم من ناحية أخرى؟! ربما كانت هذه الخطوة محاولة من جانب النظام الجديد لاسترضاء الدكتور «محمود كبيش»، الذى عبر عن أسفه فى مداخلة تليفونية مع البرنامج الذى يقدمه الصديق «محمود مسلم» على إحدى القنوات الفضائية حين تم منعه من الدخول بسيارته إلى جامعة القاهرة يوم تنصيب الدكتور مرسى رئيساً للجمهورية، فعاد أدراجه ولم يحضر.
عموماً اتباع هكذا أسلوب فى تشكيل لجنة تقصى الحقائق فى موضوع شهداء الثورة يمنحنا مؤشراً على النتائج المتوقعة منها، وأنها سوف تتولى كتابة دفن الموضوع، وذلك ما عبر عنه الكثيرون حينما استمعوا إلى هذا الخبر فأصيبوا بنوع من «القرف» وهم يشمون نفس الرائحة «النتنة» لأسلوب إدارة نظام المخلوع الذى اعتمد على تبريد وتمليح القضايا الكبرى بدفنها فى صفيحة «اللجان»، و«عبال» ما اللجنة تنتهى من عملها يكون الموضوع قد تحول إلى «فسيخة»!