نقيب المعلمين: كلنا «مخطئون وعاجزون».. ولا بد من إعادة دور المدرسة
خلف الزناتى
طالب خلف الزناتى، نقيب المعلمين، بضرورة إعادة تفعيل دور المدرسة، وتقليل التكدّس فى الفصول، حتى يستطيع كل طالب أن يحصل على حقه فى التعلم والمعرفة، خصوصاً أن هناك فصولاً يصل أعداد الطلاب فيها إلى 100 طالب بالفصل الواحد، مشيراً إلى أن مراكز الدروس الخصوصية منتشرة بشكل كبير فى عواصم المدن، على عكس القرى والريف، وأثرت بشكل كبير على وجود مجموعات التقوية بالمدارس.
وأكد «الزناتى» فى حوار لـ«الوطن»، أن النقابة لا تستطيع معاقبة المعلمين العاملين بمراكز الدروس الخصوصية، كما أن الوزارة لا تمتلك حق الضبطية القضائية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، علاوة على عدم وجود لجان تفتيشية بالوزارة لرصد ومتابعة هذه المراكز، لأنها غير مرخّصة ومتهرّبة من الضرائب، مشدداً على أهمية تحسين أداء المعلمين وطرق التدريس وإصلاح نظم الامتحانات من خلال تخطيط تربوى جيّد.
خلف الزناتى: لا نستطيع معاقبة معلمى المراكز.. و«السناتر» هزمت مجموعات التقوية بالضربة القاضية
وقال «الزناتى» إن النقابة طالبت الوزراء السابقين بتطوير المعلمين وتدريبهم، إلا أنه لم تكن هناك استجابة حقيقية فى ذلك، منوهاً بأن ما يتلقاه المعلمون من تدريب فى الأكاديمية المهنية للمعلمين «حبر على ورق» للحصول على الترقية فقط. وأكد أن الوزير الحالى مؤمن بالتدريب والتطوير وإخراج أجيال واعية من المعلمين لمواجهة متطلبات العصر، كما أنه عرض على رئيس الوزراء حال المعلمين المتدنى، وأن هناك مدرسين سيعملون «سباكين وسائقى توك توك» إن لم يعملوا بمراكز الدروس الخصوصية.
كيف ترى انتشار مراكز الدروس الخصوصية؟
- مراكز الدروس الخصوصية منتشرة بشكل كبير فى عواصم المدن، لكن وجودها فى الريف والقرى والنجوع، ضعيف وشبه معدوم تماماً، والعاملون بها لا يتعدون الـ10 أو 15% من جموع المعلمين، إلا أن وجود هذه المراكز يُقلص دور المدرسة بشكل كبير ويجعل الطالب يعتمد بشكل أساسى عليها، فمراكز الدروس الخصوصية تُعد آفة تُهدّد المجتمع، وتؤثر سلبياً على الجميع، وتمتص أكثر من نصف دخل الأسرة، فرب المنزل الذى لديه طلاب فى مراحل تعليمية ينفق معظم دخله على مراكز الدروس الخصوصية.
وما مدى تأثير هذه المراكز على مجموعات التقوية فى المدارس؟
- مراكز الدروس الخصوصية أثرت بشكل كبير على وجود مجموعات التقوية التابعة للمدارس، بل هزمتها بالضربة القاضية، وفى رأيى أنه من الممكن استغلال مجموعات التقوية لأن تكون أحد الحلول التى من الممكن أن تواجه ظاهرة مراكز الدروس الخصوصية، إلا أنها لا تستطيع القضاء عليها بشكل كامل، إلا إذا كانت مجموعات التقوية فعّالة وتجذب الطلاب، لأن المجموعات الموجودة حالياً تأثيرها جزئى ولا تؤدى المأمول منها.
وكيف يمكن القضاء على مراكز الدروس الخصوصية؟
- لا بد من تفعيل دور المدرسة، لأن المدرسة لو كانت جاذبة ومشوقة للأطفال، وليس بها تكدس فى الفصول، سيستطيع كل طالب أن يحصل على حقة، ففى بعض الفصول الدراسية قد نرى أن عدد الطلاب فى الفصل يصل إلى 100 طالب، والطالب لا يأخذ حقه كاملاً فى التحصيل والمتابعة المدرسية.
لكن هل للنقابة دور فى مراقبة أو رصد هذه المراكز أو المدرسين العاملين بها ومعاقبتهم؟
- النقابة لا تملك معاقبة المدرسين العاملين بمراكز الدروس الخصوصية أو اتخاذ أى موقف ضدهم، لكننا طالبنا الوزارة منذ فترات طويلة بأن تعقد دورات تدريبية للمعلمين لتطوير مستواهم، لكن ما تقدمه الوزارة فى الفترات الماضية ما هو إلا تدريب على الورق، سواء فى الدورات التى تعقدها الوزارة أو الأكاديمية المهنية للمعلمين، وليس لها دور فعّال، ويلجأ المدرس إليها للحصول على الترقية فقط، كما أننا قدمنا طلباً للوزارة لتوفير تدريب حقيقى، حتى نطور مهاراتهم المعرفية والسلوكية والمهارية فى كل النشاطات، ونخلق جيلاً جديداً من المعلمين يكون قادراً على إدارة العملية التعليمية حتى نستطيع الوصول إلى تحقيق معايير الجودة العالمية فى التعليم، خصوصاً أن تصنفينا فيها سيئ جداً، فعند رفع كفاءة المعلم وفقاً لمعايير الجودة العالمية سنوفر للمعلم نفسه فرصاً احترافية فى السوق المحلية والدولية، ونواكب المتغيرات العالمية والتكنولوجية، وسُبل التعليم المتطور الذى يعمل على تحسين الأداء الإدارى فى المنظومة التعليمية ككل.
قلت إنكم خاطبتم الوزارة أكثر من مرة، لخلق تدريب حقيقى للمعلمين، فماذا كان رد الوزارة؟
- خاطبنا الوزارة أكثر من مرة، فى الوزارات السابقة ولم تكن هناك أى استجابة، وكل التدريب الذى يتلقاه المعلمون على الورق فقط، إلا أن الدكتور طارق شوقى، الوزير الحالى، مؤمن بالتدريب والتطوير وإخراج أجيال واعية لمواجهة متطلبات العصر، لكن الوزراء السابقين خاطبناهم ولم يهتموا، ونحن نريد التنمية البشرية المستمرة للمعلمين، وأن نحقق التكامل فى مستويات التعليم العام والفنى والجامعى والتقنى.
المراكز منتشرة بشكل كبير فى المدن بسبب الكثافة الطلابية وتراجع دور المدرسة.. ويجب منح الوزارة حق الضبطية القضائية لمواجهة الظاهرة.. وما يتلقاه المعلمون من تدريب فى الأكاديمية المهنية للمعلمين «حبر على ورق»
فى أى المراحل التعليمية يزداد الإقبال على مراكز الدروس الخصوصية؟
- الإقبال الأكبر فى المرحلتين الإعدادية والثانوية فى التعليم العام، أما فى التعليم الفنى، فلدينا مشكلة كبيرة، فمدارسنا تخرج طلاباً غير مؤهلين، حيث يخرج الطالب صفر اليدين، لذلك فإن السوق لا تستوعبه، لأنه يحصل على شهادة، وعند التطبيق العملى يكون غير قادر على التنفيذ، وغير مؤهل تماماً، لذلك لا بد من تحسين الأداء وطرق التدريس والنوعية وإصلاح نظم الامتحانات، من خلال تخطيط تربوى، بحيث يكون هناك ضابط لحركة التغيير، ولا بد من إعطاء المدارس صلاحية أكبر من إدارة الميزانية فقط، علاوة على تفعيل مجالس الآباء لمعرفة آرائهم فى ما يحصل عليه الطالب وكيف يمكن تحسين الخدمة التعليمية بما يتناسب مع الجميع.
فى وجهة نظرك، ما الأسباب الحقيقية وراء لجوء الكثير من الطلاب إلى مراكز الدروس الخصوصية؟
- صعوبة المناهج، خصوصاً أن معظمها عقيم، لذا لا بد من تطوير المناهج القديمة وإحداث تغيير جذرى فى طرق التدريس والبعد عن التلقين والحفظ فقط، والتركيز على التخيّل والابتكار، وعلى استخدام طرق الإدراك بالقياس، حتى لا يلجأ الطالب إلى مراكز الدروس الخصوصية.
وهل للنقابة دور فى مراقبة أو معاقبة المعلمين العاملين بمراكز الدروس الخصوصية؟
- لا نستطيع معاقبة معلم أو إسقاط عضويته، لعمله بمراكز الدروس الخصوصية، وأطالب بإعطاء الوزارة الضبطية القضائية فى معاقبة المعلمين العاملين بمراكز الدروس الخصوصية، وأغلب المعلمين العاملين بتلك المراكز يحصلون على إجازات «بدون مرتب»، للتفرغ، للعمل من 8 صباحاً للدروس الخصوصية، لأن مرتب المدرسة بالنسبة له قليل جداً ولا يسد احتياجاته اليومية.
كان لكم لقاء مع رئيس الوزراء، فهل طالبت بتحسين أجور المعلمين حتى لا يلجأوا للدروس الخصوصية؟
- عرضت عليه حال المعلمين ومرتباتهم المتدنية جداً، وهذا سبب رئيسى لانتشار مراكز الدروس الخصوصية، ولا بد من بحث طرق جديدة لتشجيع المعلمين للتخلى عن الدروس الخصوصية بإعطائهم حقوقهم المادية لحفظ كرامتهم فى العيش الكريم، لأن عدداً كبيراً من المعلمين، يعملون بمهن لا تليق بهم كسائقى «توك توك» أو «سباكين» أو نجارين أو أى مهنة إضافية أخرى، لكى يسد احتياجاته واحتياجات أسرته اليومية، وطالبت بتدريب المدرس والطالب على التعامل مع التعليم الإلكترونى، وتشجيع المعلمين على تأليف كتب يتم وضعها على الشبكة الموحّدة على الإنترنت لكى يستفيد منها الجميع، ونواكب التكنولوجيا ومتطلبات العصر الحديث.
معلمون يعملون سائقى «توك توك» وسباكين للإنفاق على أسرهم.. والدورات التدريبية للترقيات فقط
مَن المسئول عن ترخيص مراكز الدروس الخصوصية؟
- هذه المراكز غير مرخّصة ولا يدفعون ضرائب للدولة، لأن معظم المراكز موجودة فى شقق مؤجّرة أو دور سينما قديمة، أو قاعات مؤجّرة، وليس هناك رقيب عليهم فى جميع الأحوال.
بعض المعلمين يتخذون لأنفسهم ألقاباً كـ«جنيس الفيزياء» أو إمبراطور الكيمياء، ليستقطبوا بها التلاميذ، فكيف ترى ذلك؟
- صحيح، انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة استخدام ألقاب للمعلمين العاملين بمراكز الدروس الخصوصية، لاستقطاب التلاميذ، وأنا فى رأيى أنهم يبيعون الوهم للطلاب وأسرهم لاستغلالهم وجعلهم يدفعون أموالاً طائلة مقابل الالتحاق بالمراكز.