جيل يتحدث الإنجليزية بطلاقة.. أما العربية فـ«حدث ولا حرج»
جيل يتحدث الإنجليزية بطلاقة
وكأن الإنجليزية هى لغتهم الأولى، يتحدثون بها داخل مدارسهم الأجنبية، ويتجاهلون الحديث باللغة العربية، تنتقل العدوى إلى منازلهم، فيفخر بعض الأهالى ويتباهون بتمكن الأبناء من اللغات الأجنبية على حساب اللغة الأم، بحجة أن المجتمع يحترم متحدث اللغات الأجنبية، بالإضافة إلى أن سوق العمل يتطلب مستوى لغات مرتفعاً.
تحرص سالى الشريف على أن يتقن ابنها الإنجليزية منذ الصغر، فهى ترى أن سوق العمل يشترط إتقان اللغات، وتفخر بابنها الذى يدرس بالصف الثانى الإعدادى، عندما يتحدث الإنجليزية أمامها بمهارة شديدة، إلا أنها تندم أحياناً بسبب ضعف لغته العربية وهو ما لاحظته كثيراً: «ساعات مبفهمش ابنى بيقول إيه وبيقعد يصلح لى كلامى عشان أفهمه، وساعات بيشاور لى لو معرفش معنى الحاجة بالعربى، وده ساعات بيضايقنى»، على الرغم من حرصها على أن يكون ابنها متفوقاً فى الإنجليزية، إلا أن هناك بعض الأمور التى تضايقها، وهى عدم قدرته أحياناً على التواصل مع الآخرين: «مش بيبقى فاهم كل الكلام وبيبقى محتاج يتواصل مع ناس فاهمهم بس».. ولكن تبرر ذلك دائماً بقولها: «كده كده هياخد كورسات لما يكبر، فبنأهله من دلوقتى أحسن».
«سالى»: ابنى مش بيبقى فاهم كل الكلام العربى.. و«دينا»: مابتماداش مع بنتى فى الإنجليزى.. عشان ما يبقاش العربى عندها مشوه.. و«مغيث»: اللى عايز يعلم ابنه صح لازم يعلمه لغته الأساسية الأول
بينما حرصت دينا الوادى على تسجيل نجلتها فى مدرسة فرنسية، من أجل تقوية اللغة لديها، حتى تنفعها فى مستقبلها الوظيفى: «الفرنسى صعب فى التعلم، وده هيخليها تتعلم إنجليزى أسهل ويبقى معاها لغتين»، على الرغم من اهتمام دينا بتعليم ابنتها اللغات الأجنبية إلا أنها تحرص على مساعدة نجلتها على الحديث باللغة العربية: «مابتماداش معاها فى الإنجليزى قوى، عشان ماتبقاش اللغة العربية عندها مشوهة، وده غلط طبعاً»، وتستاء من تصرفات بعض أولياء الأمور تجاه أبنائهم بسبب حرصهم على تعليمهم اللغات فقط على حساب العربية: «فيه ناس عايزة عيالها يبقوا كلاس قوى وكأنهم كده مستوى اجتماعى عالى وإنما الارتقاء يكون من خلال التصرفات الحضارية والراقية».
إتقان اللغات الأجنبية أكثر من اللغة العربية يعمل على خلق مجتمع مشوه ملىء بالجماعات الممزقة والمتنافرة، ويقلل من الانتماء للوطن، هو ما قاله الدكتور كمال مغيث، خبير فى المركز القومى للبحوث التربوية: «اللى عايز يعلم ابنه صح لازم يعلمه لغته الأساسية وبعدين يتعلم أى لغة تانية».. بحسب «كمال» الذى شدد على ضرورة الحفاظ على هوية المجتمع المصرى، بقرارات من وزارة التربية والتعليم بمزيد من الاهتمام باللغة العربية فى المدارس.
إهمال اللغة العربية بين المناهج الدراسية يشعر الطفل وكأنه فى غربة وسط أهله ومجتمعه، هو ما قاله محمد كمال، مدرس لغة عربية: «الأسرة هى المسئولة الأولى عن غياب العربى بين أطفال الجيل الجديد، بيتفاخروا بالتواصل بالإنجليزى».