انتهت منذ أيام اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وهى المقر الأوروبى للأمم المتحدة، وافتتح المفوض السامى الدورة 36 لمجلس حقوق الإنسان، وقد تناول فى كلمته عدداً من الدول التى تتضخم فيها ملف انتهاكات حقوق الإنسان، وكان من بينها مصر، ركز فيها على عدة موضوعات كانت قد تناولتها تقارير المنظمات الدولية غير الحكومية حول أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان والانتهاكات التى يتعرضون لها، وكذلك قانون الجمعيات الجديد وتأثيره على مؤسسات المجتمع المدنى، فضلاً عن تجميد أرصدة عدد من المنظمات بالقضية المعروفة قضية التمويل الأجنبى رقم 173، بالإضافة إلى الانتهاكات الأخرى للمواطنين، مثل التعذيب والاختفاء القسرى وأحكام الإعدام وبالطبع جاء رد الحكومة ممثلاً فى رئيس البعثة المصرية فى جنيف بأن المفوض تجاوز صلاحياته الواردة فى قرار إنشاء منصب المفوض السامى وكذلك أنه يعتمد على تقارير منظمات غير حكومية.
كما صدر أيضاً من لجنة مناهضة التعذيب تقرير عن التعذيب فى مصر انتهى إلى أن التعذيب فى مصر سياسة منهجية، وكانت اللجنة خاطبت الحكومة للسماح لمقررين من اللجنة للسفر إلى مصر وتفقد أماكن الاحتجاز، وقوبل هذا الطلب بالرفض، فقررت اللجنة الاعتماد على التحرى السرى الذى ينص عليه بروتوكول إنشاء اللجنة وفقاً للمادة 20، وهو إجراء يسمح للجنة بإرسال مقررين بصورة سرية للتأكد من المعلومات التى تلقتها اللجنة من المنظمات غير الحكومية وأكملت اللجنة مناقشة الملف الذى انتهى إلى تأكيد المزاعم التى تلقتها اللجنة باستمرار نهج حكومى فى التعذيب بشكل منهجى، كما أن هناك عدداً من اللجان الأممية لديها شكاوى متعددة حول انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر، فلجنة الاختفاء القسرى تتلقى شكاوى حول الاختفاء القسرى رغم عدم توقيع مصر على الاتفاقية ومصر ليست طرفاً، لكن هذا لا يمنع اللجنة من امتداد ولايتها إلى كل الدول وتقديم تقرير بما تنتهى إليه بعد التواصل مع الدولة المشكو فى حقها، وأيضاً هناك شكاوى تتعلق بالحق فى المحاكمة العادلة والمنصفة وشكاوى تتعلق باستمرار إصدار أحكام بالإعدام، وشكاوى تتعلق بالاعتقال التعسفى، فيشير تقرير لمنظمة «كرامة»، الصادر هذا العام، والتى تهتم بالشرق الأوسط، وبالأخص البلدان العربية إلى التقدم بأكثر من 350 شكوى ضد مصر أمام اللجان المختلفة بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان، وكل هذه التقارير التى تصدر من الآليات الخاصة والمقررين الخواص هى التى تشكل ملف مصر لحقوق الإنسان فى الأمم المتحدة وهى المصدر الأساسى للمفوض السامى، والتى ترد فى تقاريره الدورية لكل دورة من دورات مجلس حقوق الإنسان والتى يرد فيها ممثل مصر نفس الردود والتى تنفى فقط صحة هذه التقارير، وتلقى بالاتهامات فى وجه المفوض السامى، وأعتقد أن هذا الأمر يشكل خطورة فى وصف مصر بشكل قاطع بأنها دولة تنتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج وقد يؤدى إلى تطور الوضع بمزيد من الإجراءات كتعيين مقرر خاص لمصر أو تشكيل لجان لتقصى الحقائق، فضلاً عن أن ملف مصر فى المراجعة الدورية الشاملة تضمن أيضاً توصيات بلغت 300 توصية فى آخر فحص للملف عام 2014 قبلت منها الدولة المصرية 220 توصية، وهو ما يعنى التسليم أيضاً بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان.
السؤال المهم: هل نكمل على هذا الخط بما يحمل ذلك من مخاطر لن تؤثر فقط على سمعة مصر الدولية، ولكن قد يمتد إلى توقيع عقوبات أو وضع إجراءات خاصة، أم أننا يجب أن نتبنى استراتيجية محددة بإطار زمنى، لكى يتم تنقية ملف مصر وتحسين سجل حقوق الإنسان، وأعتقد أن هناك ضرورة ملحة، لتبنى استراتيجية تقوم عل أساس التفاعل مع الآليات الدولية حتى لو اضطررنا لطلب المساعدة الفنية من الأمم المتحدة لتطوير مؤسساتنا، وكذلك تدريب وتأهيل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، وكذلك هيئات التحقيق.