مصر خلال السنوات الست الماضية شهدت أحداثاً عصيبة كادت تعصف بها لولا عظمة شعبها وجيشها، وتعالوا نتفق أن الرئيس السيسى واجه تحديات ضخمة خارجية وداخلية خلال السنوات الثلاث التى حكم فيها البلاد، وكان أهم تحد هو تثبيت الدولة، وقد نجح باقتدار فى قيادة السفينة إلى بر الأمان، ومن الطبيعى أن تكون هناك أخطاء وسلبيات وهذه طبيعة المراحل الانتقالية بعد الثورات فى كل الدول ورغم ذلك تحقق فى مصر الكثير ويمكن البناء عليه، الفترة الرئاسية الأولى للرئيس، التى أوشكت على الانتهاء شهدت إنجازات عديدة سواء فى تدعيم قواتنا المسلحة بأحدث الأسلحة وتقوية المؤسسات المدنية وإعادة الثقة لوزارة الداخلية وإقامة المشروعات القومية وتطوير البنية الأساسية فى الكهرباء والطاقة والطرق والكبارى والأنفاق ومياه الشرب والصرف الصحى والإسكان كل هذا يصب فى إطار تثبيت الدولة، الفترة الرئاسة الثانية للرئيس إذا قرر خوض الانتخابات يجب أن تشهد مصر خلالها مرحلة انطلاق الدولة بعد تثبيتها وإعادة صياغة الأولويات مرة أخرى، وأن يكون شعار الفترة «الإنتاج هو الحل» الإنتاج الإنتاج الإنتاج ولا صوت يعلو عليه.
فى المقال الماضى كتبت عن الصناعة وتمنيت أن يقوم الرئيس بزيارة مصانع المحلة الكبرى ويفتتح معرضاً من إنتاجها ويرتدى ملابسها ويعيد أمجادها، ويضع ملف الصناعة فى مقدمة أولوياته، لأنها أساس تقدم الأمم ورفاهية الشعوب، ومصر تحتاج على الأقل ألف مصنع فى كل المجالات، أكرر ألف مصنع وليس ورشة لإنهاء مشاكلنا فى الإنتاج والبطالة والأسعار والعملة، فى هذا المقال أكتب عن الزراعة، وهى من الملفات الغائبة أيضاً عن الأولويات، وقد لا يعلم الرئيس أن الفلاح يعانى أشد معاناة ويشعر باليتم ويواجه العواصف وحده من ارتفاع لمستلزمات الإنتاج واحتكارها إلى انخفاض أسعار منتجاته، نعم انخفاض أسعارها، فالسلع تصل للمستهلكين بعشرة أضعاف شرائها من الفلاحين، بسبب جشع التجار وضعف رقابة أجهزة الدولة وتواطئها أحياناً، لو قرر الرئيس السيسى افتتاح معرض الإنتاج الزراعى والحيوانى فسوف يجبر الحكومة على الاهتمام بالفلاح وحل مشاكله وتخفيف الأعباء عنه ودعم مستلزمات الإنتاج والقضاء على احتكارها وشراء محصوله بسعر عادل، الفلاح يا سيادة الرئيس هو الفئة الأكثر إنتاجاً فى البلد والأكثر فقراً، والوحيد الذى لم يعتصم أو يتظاهر ويضرب للمطالبة بحقوقه خلال فترة الفوضى الأمنية، فى الوقت الذى تظاهرت فيه كل فئات المجتمع للمطالبة بما لا تستحق، فى الاحتفال الأول والأخير بعيد الفلاحين منذ ثلاثة أعوام كانت هناك وعود بنقابة تدافع عن حقوقهم ومعاش وتأمين صحى وشراء المحاصيل بسعر عادل دون معاناة، أتمنى من الرئيس أن يسأل وزير الزراعة عن مصير هذه الوعود، حينما كانت الدولة توزع الأرض الصحراوية مجاناً (200 جنيه للفدان على خمس سنوات) تم استصلاح مساحة كبيرة أنقذت مصر من المجاعة بعد الزيادة السكانية الرهيبة، ولكن حينما تحولت الدولة للتجارة فى الأراضى ومستلزمات الإنتاج فسوف يهجر الفلاحون الأرض ويتركونها بوراً حتى ينقذوا أنفسهم من السجون والديون، الزراعة فى فرنسا لا تمثل 3% من ناتجها القومى ومع ذلك تدعم الفلاح، والرئيس الفرنسى حريص على حضور معرض الإنتاج الزراعى، فرغم تقدم فرنسا فى كل المجالات ولكنها تعلم أن دعم الفلاح يضمن لها توفير الغذاء وبالتالى التقدم والرفاهية واستقلالية القرار، حينما تحدث الرئيس السيسى مؤخراً عن أزمة السكان كل أجهزة الدولة تذكرتها بعد نسيان طويل، لذلك أتمنى من الرئيس الاهتمام بالفلاحين والنزول إليهم فى حقولهم ودعوتهم لاجتماعاته، فسوف يكسب شعبية كبيرة ويجبر مؤسسات الدولة على الاهتمام بهم، وبالتالى تعود لهم كرامتهم وللزراعة أهميتها.