أعلنت مؤسسة «تومسون رويترز» نتائج استطلاع إلكترونى عن المدن الأكثر خطورة على المرأة، وذلك بين أكثر 19 مدينة ازدحاماً فى العالم طبقاً لمعايير الأمم المتحدة، وجاءت النتيجة صادمة، حيث احتلت القاهرة المرتبة الأولى بين أكثر المدن خطورة على النساء، بينما جاءت لندن فى المرتبة الأفضل للنساء.
وقد شمل الاستطلاع أربع مناطق للبحث وهى العنف الجنسى، الممارسات الثقافية الضارة، التمتع بالرعاية الصحية الجيدة، والوصول إلى الموارد الاقتصادية كالتعليم.
والصادم هو احتلال القاهرة مرتبة متدنية فى كل مناطق البحث، حيث جاءت فى المرتبة الأولى فى الممارسات الثقافية الضارة، والمرتبة الثانية فى الحصول على الموارد الاقتصادية، والمرتبة الثالثة فى العنف الجنسى والحصول على الرعاية الصحية الجيدة. وبعد تلقى الخبر الأشبه بالطعنة، حيث نعيش جميعاً فى القاهرة ولا نستشعر كل هذا الخطر، بل فى الحقيقة أشعر بالأمان أكثر من مدن أخرى زرتها فى أسفار ممتدة حول العالم، لذا حرصت على متابعة المنهج العلمى الذى اعتمد الاستطلاع عليه فى إجراء مسح فى 19 مدينة من أكبر المدن من حيث عدد السكان، فوجدت هذا الاستطلاع إلكترونياً تم على مدار شهرين كاملين هما يونيو ويوليو، وقد تم الاستعانة بعدد من الخبراء فى تصميم الاستمارة والأسئلة بالاستطلاع، كما تم الاتصال بـما يقرب من 20 خبيراً فى قضايا المرأة بما فى ذلك أكاديميون وعاملون فى المنظمات غير الحكومية وموظفو الرعاية الصحية وصناع السياسات والاجتماعيون، لعمل ما يسمى مراجعة وتثبيت البيانات، وهو إجراء منهجى مقبول.
إذاً أين المشكلة ولماذا تصدرت القاهرة الصدارة فى الأسوأ وليس الأفضل؟!
السر يكمن فى كون الاستطلاع إلكترونياً، أى أنه متاح دون قواعد علمية واضحة للمشارك، ومن ثم هو ملعب للتجييش السياسى واستعراض قوى اللجان الإلكترونية، فأى فريق له أغراض محددة بالسلب أو بالإيجاب يستطيع بسهوله التأثير على نتائج الاستطلاع، ويبدو أن الفريق المعادى لمصر يتابع كلمة مصر إلكترونياً بدقة، ولا يفرق بين أن الموضوع للمرأة أو للحكومة أو حتى الرئيس، أول ما يظهر فى محركات البحث كلمة مصر بكل دلالاتها ككلمة القاهرة، يوجه لجانه الإلكترونية للتأثير على النتائج، وهنا مكمن الخطورة لعدة أمور؛ الأمر الأول أن المعنيين بالشأن المصرى إيجابياً الذين من المفترض منهم رصد هذه التحركات إما أنهم ليسوا بالكفاءة الكافية أو أنهم وهو الأرجح لا يولون قضايا المرأة أهمية ويعتبرونها قضايا هامشية، ولا يدركون أن الأمر لم يعد كذلك، بل تحولت قضايا المرأة إلى قضايا جوهرية تشغل قلب اهتمام العالم ويقيم عليها قضايا سياسية واجتماعية كثيرة.
الأمر الثانى، هذا التقرير يمكن التشكيك فى منهجيته، لكن لا يمكن تفادى أثره، فهو طعنة غائرة للسياحة فى مصر التى تعانى من مشكلات جمة بالأساس، فأى سائح يراجع أحوال البلاد التى يسعى لزيارتها، فكيف يطمئن على أسرته فى بلد تصنف الأسوأ فى العنف ضد المرأة، حتى لو كان هذا زوراً وبهتاناً.
الأمر الثالث، بعد استيعاب الصدمة ومناقشة الأمر نجد أن هذا الاستطلاع ربما يكون إنذاراً بأن لدينا الكثير بحاجة إلى الإنجاز، لاسيما تأتى هذه المؤشرات الدولية الصادمة عن أحوال النساء فى مصر متزامنة مع إحصاءات دراسة ممارسة العنف ضد المرأة الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى أحدث إصداراته النصف سنوية لـ«مجلة السكان» إصدار يونيو 2017، والتى انتهت إلى:
- 90٪ من النساء تم ختانهن.
- 42.5% من النساء يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن.
- 37٪ من إجمالى النساء اللاتى يتعرضن للعنف على يد الأزواج، أميات.
- 1.49 مليار جنيه قيمة الخسائر التى تتكبدها المرأة والأسرة فى عام من جراء العنف.
- 4.1% من النساء فى فئة العمر من 18-19 سنة يتعرضن للزواج الجبرى.
لذا من المهم تجاوز الإحساس بالغضب والصدمة واتخاذ إجراءات للرد على هذا التقرير، وأيضاً مراجعة الذات لتكون القاهرة واحة الأمان التى نحبها ونرضاها.