قنا : قرية «الصياد» تودع المجند الشهيد «عبدالمحسن» ضحية رهاب الجماعة
على وقع هتاف: «لا إله إلا الله، الشهيد حبيب الله، لا إله إلا الله، الإخوان أعداء الله» شيّع الآلاف من أبناء قرية «الصياد» والقرى المجاورة لها، بمركز نجع حمادى، محافظة قنا، مساء أمس الأول، جثمان المجند أحمد عبدالمحسن تغيان، شهيد القوات المسلحة، الذى استشهد برصاص الإرهاب، مع 7 آخرين بأحد الكمائن بالعريش، وترجل المشيعون لأكثر من 2 كيلومتر، فى موكب مهيب وحزين، حتى وارى الجثمان الثرى.
شهيد الواجب، ذو الـ22 عاماً، كان قد عقد قرانه قبل 4 أشهر، ولكن شاءت الأقدار أن يُزفّ إلى مثواه الأخير، فى مشهد عنيف، تكرر كثيراً فى الأيام الأخيرة، على خلفية فوضى جماعة الإخوان، التى تشيعها بصورة ممنهجة فى أنحاء محافظات مصر، احتجاجاً على فض اعتصامى «رابعة العدوية» و«النهضة».
«الوطن» عاشت مع أسرة الشهيد هذه اللحظات العصيبة، والتقت والده السبعينى وشقيقه الأكبر، اللذين حمّلا جماعة الإخوان مسئولية استشهاد رجال القوات المسلحة والشرطة.
المشهد الأخير الذى جمع «أحمد» بأسرته كان فى إجازة العيد الأخيرة، ولم يكن أى منهم يعلم ما تخبئه الأقدار..كان «أحمد» يعتزم تحديد موعد زفافه فى الإجازة المقبلة، التى لم تأتً، بعد أن وضعت رصاصات الغدر نهاية حزينة لأحلام شاب بسيط، أبت شهوة الانتقام عند الإخوان إلا أن تمنحها حق الحياة، ولم تبخل عليها بشهادة وفاة.
الحاج عبدالمحسن، والد الشهيد، الذى يبلغ من العمر عتياً، لم يتمكن من كبح جماح دموعه المنهمرة من عينيه، يتكئ على عصا تعينه على الحركة، ويسند ظهره على أحد جدران القبر، يخاطب الجسد المسجى، فى حزن مرير: «يا أحمد يا ولدى يا حبيبى، ما تسبنيش، ياريت يومى كان قبل يومك، قتلوك الكلاب.. أنا جهزت لك كل حاجة، وشقتك كملت عشان فرحك»، غير أن عبارات الرثاء على قسوتها ومرارتها لا تحيى الموتى.
أما شقيق الشهيد الأكبر «خلف»، 28 عاماً، فلم يكن أقل حزناً من والده، وكان يبكى شهيده فى مرارة، مردداً: «آه..يا أخويا، يا ابن أمى وأبويا، سبتنى ليه وحدى؟ والله لاخد بتارك من الخونة الكلاب اللى دمروا البلاد عشان الكرسى»، ودخل الشقيق فى نوبة من البكاء، لم يخرجه منها سوى اجتماع المشيعين حوله، الذين قالوا له فى نفَس واحد: «ارفع راسك، أخوك شهيد، وحقه هيرجع، واللى قتله ربنا مش هيسيبه»، وبعدما تمكن منه الهدوء قليلاً طالب بمحاكمة كل شخص ينتمى للإخوان.
ورفضت الأم المكلومة أن تتحدث، فقد أعياها فقد فلذة كبدها غدراً، وأغلقت على نفسها باب دارها، تبكى ابنها تارة، وتدعو على من قتله تارة أخرى.